الثقلان - السيد محسن الحائري - الصفحة ٥٨
وحتى في وصيته التي أوصى بها وهو مخضب بالدماء، في ما رواه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن آبائه، قال: لما ضرب أمير المؤمنين علي عليه السلام الضربة التي توفي منها، استند إلى أسطوانة المسجد والدماء تسيل على شيبته، وضج الناس في المسجد، كهيئة يوم قبض فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فابتدأ خطيبا، فقال بعد الثناء على الله تعالى:... أما وصيتي: فالله عز وجل فلا تشركوا به شيئا، ومحمد صلى الله عليه وآله فلا تضيعوا سنته، أقيموا هذين العمودين وأوقدوا هذين المصباحين... (1).
وهكذا ظل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ينافح عن السنة قولا وعملا حتى قضى نحبه، وخلف أثرا في مجالي القول والعمل في تأييد السنة ودعمها وقد جمعنا المنقول عنه عليه السلام في مجال دعم الحديث الشريف في كتابنا الكبير " تدوين السنة الشريفة " فليراجع.
ومن كلام للإمام الحسن السبط عليه السلام:
قال عليه السلام لمعاوية: إنما الخليفة من سار بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ليس الخليفة من سار بالجور وعطل السنة واتخذ الدنيا أبا وأما (2).
وقال عليه السلام: إن الناس قد اجتمعوا على أمور كثيرة ليس بينهم اختلاف فيها ولا تنازع ولا فرقة: على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وعبده...
واختلفوا في سنن اقتتلوا فيها وصاروا يلعن بعضهم بعضا، وهي الولاية، ويبرأ بعضهم من بعض، ويقتل بعضهم بعضا، أيهم أحق وأولى بها، إلا فرقة تتبع كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فمن أخذ بما عليه أهل القبلة الذي ليس فيه اختلاف، ورد علم ما اختلفوا فيه إلى الله سلم ونجا به من النار ودخل الجنة، ومن وفقه الله ومن عليه واحتج عليه بأن نور قلبه بمعرفة ولاة الأمر من أئمتهم ومعدن العلم أين هو؟ فهو

(1) الحدائق الوردية للمحلي (ص 57) ورواه الرضي في نهج البلاغة (ص 207) قسم الخطب رقم (149).
(2) بلاغة الإمام الحسن عليه السام للصافي (ص 49 - 50) رقم (38) الباب الأول.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»