الثقلان - السيد محسن الحائري - الصفحة ٤١
ولذلك فإن تسمية الأحاديث - المنقولة بأخبار الآحاد - بالسنن، ونسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الأخطاء الخطيرة، وهي تسمية متأخرة ومخالفة لمنهج القدماء، كما هي مخالفة لاستعمالات أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم، كما سبق.
وقد اتفقت كلمة الفقهاء القدماء من الشيعة على " أن الخبر الواحد لا يفيد علما ولا عملا " (1) في باب الشريعة.
والسر في ذلك ما ذكرنا من أن السنة تشريع إلهي، والشريعة لا بد أن تكون

(١) قال الشيخ الإمام المفيد في مختصر أصول الفقه (ص ٤٤) فأما خبر الواحد القاطع للعذر، فهو الذي يقترن إليه دليل يفضي بالناظر فيه إلى العلم... فمتى خلا خبر الواحد من دلالة يقطع بها على صحة مخبره فإنه كما قدمناه ليس بحجة، ولا يوجب علما ولا عملا على كل وجه.
وقال في أعلاه: والحجة في الأخبار ما أوجبت العلم من جهة النظر فيها بصحة مخبرها، ونفي الشك فيه والارتياب، وكل خبر لا يوصل بالاعتبار إلى صحة مخبره فليس بحجة في الدين ولا يلزم به عمل على حال.
وقال المرتضى في الذريعة (2 / 517): إعلم أن الصحيح أن خبر الواحد لا يوجب علما، وكرره (ص 53) وقال (ص 554) قد دللنا على أن خبر الواحد غير مقبول في الأحكام الشرعية وانظر الذخيرة (ص 355). وقال في مسألة في إبطال العمل بأخبار الآحاد: " إن العلم الضروري حاصل لكل مخالف للإمامية أو موافق: بأنهم لا يعملون في الشريعة بخبر لا يوجب العلم، وأن ذلك صار شعارا لهم يعرفون به.
ثم قال: واعلم أن معظم الفقه نعلم ضرورة مذاهب أئمتنا فيه بالأخبار المتواترة، فإن وقع شك في أن الأخبار توجب العلم الضروري، فالعلم الذي لا شبهة فيه ولا ريب يعتريه حاصل، كالعلم بالأمور الظاهرة كلها التي يدعي قوم أن العلم بها ضروري. راجع المسألة، المطبوعة في رسائل المرتضى (3 ص 309 وص 312) وذكر نحو هذا في جوابات المسائل التبانيات المطبوعة في المجموعة الثانية من رسائل المرتضى (ص 24 و 26) وقال في جوابات المسائل الموصليات الثالثة: أبطلنا العمل في الشريعة بأخبار الآحاد، لأنها لا توجب علما ولا عملا، وأوجبنا أن يكون العمل تابعا للعلم. رسائل المرتضى المجموعة الأولى (ص 202).
وقال الشيخ الطوسي في العدة (1 / 290) والذي أذهب إليه: أن خبر الواحد لا يوجب العلم ثم ذكر قرائن تدل على صحة متضمن أخبار الآحاد، ولا يدل على صحتها أنفسها في (ص 372).
ثم قال: فمتى تجرد الخبر عن واحد من هذه القرائن كان خبر واحد محضا... وإن لم يكن هناك خبر آخر يخالفه: وجب العمل به، لأن ذلك إجماع منهم على نقله، فينبغي أن يكون العمل به مقطوعا عليه (ص 373).
وقال (ص 275): وأما الخبر إذا ظهر بين الطائفة المحقة وعمل به أكثرهم وأنكروا على من لم يعمل به فإن كان الذي لم يعمل به علم أنه إمام، أو الإمام داخل في جملتهم، علم أن الخبر باطل، وإن علم أنه ليس بإمام ولا هو داخل معهم علم أن الخبر صحيح، لأن الإمام داخل في الفرقة التي عملت بالخبر.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»