الثقلان - السيد محسن الحائري - الصفحة ٢٥
(وثانيا): إن السنة، لم تكن في عصره ولا في القريب العاجل من بعد وفاته، مسجلة ولا محفوظة في محل معين، حسب ما هو المعروف عند العامة، حتى تكون أمرا حاضرا كالكتاب الكريم، للخلافة عن الرسول، والقيام مقامه، مباشرة بعد وفاته، بل كانت مفرقة في صدور رجال الرسول وصحابته المنتشرين هنا وهناك، مع المنع الأكيد من نشرها وتداولها وتسجيلها وتدوينها حتى آخر القرن الأول (1).
فكيف ترشح السنة، وهذا حالها، للخلافة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من بعده، لتكون قرينا للقرآن، وعديلا له؟
وثانيا: إن لفظ " وسنتي " ليس له أصل مثبت، وإنما الثابت هو " كتاب الله ونسبتي " وهو الموافق لحديث الثقلين: الكتاب والعترة، معنى، وقد تصحف على بعض الرواة والمؤلفين، فتناقلوه " وسنتي " عمدا أو غفلة، كما سيأتي.
وقد أوضحنا هذا الأمر بمزيد من الأدلة والبيان في محل آخر (2).
وثالثا: إن المنقول بلفظ " وسنتي " مخدوش الأسانيد وليس فيها ما يرتقي إلى الصحة، فلا يعارض به حديث الثقلين المتفق على صحته، كما عرفت، وقد شرحنا هذا في ذلك المحل، أيضا.
ورابعا: إن الالتزام بلفظ " وسنتي " لا ينافي حديث الثقلين الدال - كما عرفت - على حجية العترة، لأن أحاديث السنة الصحيحة المتواترة منها، والمتضافرة، والمشهورة، تدل بوضوح على ولاية العترة، وحجيتها، بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فالتمسك بالعترة هو أخذ بمؤدى السنة، والإعراض عن العترة هو ترك للسنة، التي منها حديث الثقلين المتفق على صحته، أفهل الالتزام بلفظ " وسنتي " - على فرض

(١) راجع للبحث عن أساليب منع الخلفاء عن تدوين السنة ونشرها وروايتها، منذ وفاة الرسول وحتى نهاية القرن الأول في كتاب " تدوين السنة الشريفة " المطبوع في قم - عام ١٤٣١ ه‍.
(٢) لا لاحظ تدوين السنة الشريفة (هامش ص 122 - 121).
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»