والغريب أن بعض الذين عدوا الاحتفال بمولده (صلى الله عليه وآله وسلم) بدعة، إنما فعلوا ذلك لأن الاحتفال ترافقه بعض الأعمال المبتدعة، من قبيل قول (ابن الحاج): " ومن جملة ما أحدثوه من البدع مع اعتقادهم أن ذلك من أكبر العبادات، وإظهار الشعائر، ما يفعلونه في شهر ربيع الأول في يوم المولد، وقد احتوى على بدع ومحرمات جمة " (1).
ومع أننا نستنكر كل عمل محرم يأتي به أحد في هذه الاحتفالات فإن الاقتران بين الأفعال المحرمة وبين الاحتفال بمولده (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يلغي أصل العمل، ولا يؤدي إلى تحريمه بالضرورة، إذ إن القول بذلك يستلزم بطلان الكثير من أصول العبادات المسلمة فيما لو اقترنت بفعل محرم.. مع أن الصحيح أن يقال إن الفعل الفلاني محرم لا يجوز الإتيان به، بل يلزم المعاقبة عليه مع القدرة، لا أن يلغي أصل العمل.
إن حب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أصل من أصول الإسلام ليس لأحد إنكاره، ولهذا فمن حق المسلم المؤمن أن يعبر عن حبه للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأي صورة كانت شريطة أن لا تتعارض مع الشريعة.
ولا شك أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يمثل صورة من صور التكريم والتعظيم والاحترام لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتدارس فيه الناس سيرته العطرة ويستخلصون الدروس العظيمة والنافعة.
وإلى جانب أهمية وضرورة حب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حياته وبعد وفاته وتجسيد ذلك الحب في السلوك والعمل من خلال الالتزام بالتعاليم الإسلامية، فقد أكد الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على حب أهل بيته (عليهم السلام)