السنة وبيعها بثمن بخس هو ثمن الأهواء والتعصب قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا يذهب من السنة شئ حتى يظهر من البدعة مثله). ولذلك أمر الشارع المقدس بمقاطعة المبتدع في الدين قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (من أتى ذا بدعة فعظمه فإنما يسعى في هدم الإسلام) وأمر أيضا بإظهار العلم مقابل الكذب والافتراء ليكون حدا فاصلا بين السنة والبدعة قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
(إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله). ومع ذلك كله فقد حدثت بدع كثيرة بعد زمان رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) وبقيت مستمرة ولها أتباع كثيرون حتى اليوم.. فهي افتراءات على الله سبحانه وضلالات عن الدين الحنيف وإن حاول أولئك الأتباع الدفاع عنها تحت عنوان " الاجتهاد ".
وهناك في المقابل قوم آخرون من أهل البدع، توسعوا في مفهوم البدعة فزعموا شموله لكل أمر حادث في الحياة بعد رسول الله أو بعد ثلاثة قرون منذ عصره (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم في ذلك يدعون الحرص على الدين والتقيد بالسنة النبوية الشريفة، وبذلك عزلوا الشريعة السمحة عن التفاعل مع حياة الناس فجعلوها جامدة وكأنها لا تمتلك مقومات الديمومة والاستمرار، وتناقض التطور والمدنية وتقف عاجزة أمام الحوادث المستجدة.. وأيضا أطلقوا عنوان " البدعة " على بعض الممارسات التي هي من صميم الدين، واتخذوا ذلك وسيلة للتشنيع وبث عوامل الفرقة بين الفصائل الإسلامية المختلفة وتسديد سهام النقد والتشويه لبعض العقائد المستمدة من الوحي الإلهي قرآنا وسنة.
والحق أن هؤلاء وأولئك خالفوا تعاليم الشريعة الغراء فضلوا وأضلوا، لذا أصبح من الضرورة بمكان دراسة هذا المفهوم دراسة موضوعية وافية تكشف مختلف جوانبه وأبعاده.
ولتحقيق هذا الهدف فقد عني هذا البحث - رغم كونه مختصرا - بمعالجة هذه المسألة وفق منهج علمي دقيق وأسلوب مناسب يستعين بهدي الكتاب والسنة وأمثلة السيرة والتاريخ، وقد انتهى إلى نتائج ومعالجات دقيقة وموفقة.
ومنه تعالى نستمد العون والسداد لإحياء السنن وإماتة البدع مركز الرسالة