وقدم إليهم المعذرة، واختار لهم دينه الذي ارتضى لهم وأكرمهم به، وجعل المعتصمين بحبله والمتمسكين بعروته أولياءه وأهل طاعته، والعادلين عنه والمخالفين له أعداءه وأهل معصيته، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، وأن الله لسميع عليم.
والحمد لله الذي اصطفى محمدا رسوله من جميع بريته، واختاره لرسالته وابتعثه بالهدى والدين المرتضى إلى عباده أجمعين، وأنزل عليه الكتاب المبين المستبين، وتأذن له بالنصر والتمكين، وأيده بالعز وبالبرهان المبين، فاهتدى به من اهتدى، واستنقذ به من استجاب له من العمى، وأضل من أدبر وتولى حتى أظهر الله أمره، وأعز نصره وقهر من خالفه، أنجز له وعده وختم به رسله، وقبضه مؤديا لأمره مبلغا لرسالته، ناصحا لأمته مرضيا مهتديا إلى أكرم مآب المنقلب، وأعلى منازل أنبيائه المرسلين وعباده، الفائزين فصلى الله عليه أفضل صلاة وأتمها وأجلها وأعظمها وأزكاها وأطهرها، وعلى آله الطيبين.
والحمد لله الذي جعل أمير المؤمنين وسلفه الراشدين المهتدين، ورثة خاتم النبيين وسيد المرسلين، والقائمين بالدين، والمقومين لعباده المؤمنين، والمستحفظين ودائع الحكمة ومواريث النبوة، والمستخلفين في الأمة والمنصورين بالعز والمنعة والتأييد والغلبة، حتى يظهر الله دينه على الدين كله ولو كره المشركون.
وقد انتهى إلى أمير المؤمنين ما عليه جماعة من العامة من شبهة قد دخلتهم في أديانهم، وفساد قد لحقهم في معتقدهم، وعصبية قد غلبت عليها أهواؤهم ونطقت بها ألسنتهم على غير معرفة ولا روية، وقلدوا فيها قادة الضلالة بلا بينة ولا بصيرة، وخالفوا السنن المتبعة إلى الأهواء المبتدعة.