إن أول بدعة منكرة فرقت بين الكتاب والسنة، ورمت صاحب السنة صلى الله عليه وآله وسلم بالهجر!! كانت من نصيبهم وعلى يد عمر بن الخطاب حين كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول قبيل وفاته:
ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي فيمنع من ذلك عمر ويقول: (ما له؟
أهجر؟! حسبنا كتاب الله) فجاء أصحابه فلطفوا من قولته هذه، فقالوا:
إنه قال: (لقد غلب عليه الوجع)، ونقلوا بصحاحهم - بعد رواية هذه المصيبة - عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يقول (الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم).
صحيح البخاري: 5: 137 و 7: 9. ومسلم 5: 76. وأحمد 1:
323 و 324 و 336.
ومع هذا فقد زينت لهم أنفسهم صنيع عمر، فدافعوا عنه وتابعوه على كلمته، رغم كل ما فيها، ثم قالوا إنهم هم أهل السنة!!
إن كلمة عمر هذه هي اللبنة الأولى، بل الأساس الذي قامت عليه مذاهبهم.. فإذا كانوا من هنا قد ابتدأوا فإلى أين سينتهون؟
حديث الأريكة: تسنم أبو بكر الخلافة، فابتدأ بالمنع من التحدث بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن الرجوع إلى السنة النبوية في أية قضية من القضايا، فقال ما نصه: إنكم تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه (تذكرة الحفاظ، للذهبي 1: 2 - 3 في ترجمة أبي بكر). انتهى.