الإلهية، وما كان تعالى ليقيم الحجة على الناس لسبيل أمر به لو لم يكن هذا السبيل المفروض هاديا باتباعه، وهذا من أبسط مقدمات المنطق الديني، فمن هذه الزاوية يجب ولوج البحث لتحصل النتائج الصحيحة.
ثانيا: إن أحكام الشريعة الإلهية المقدسة ومن خلال الهدف العام في الهداية والوقاية من الضلال، تختلف في مراميها باختلاف الحيز الذي تشرع له، ولئن كانت الرسالة الإلهية هي سبيل الهداية الذي وضعه تعالى للناس فأقام الحجة عليهم إن ضلوا بعدم اتباعه، فإن بقاء الحجة واستمرارها مرتبط ببقاء الهداية بالرسالة، وهذا بدوره متوقف على بقاء الرسالة وسلامتها من التحريف. لذلك كان لا بد عند النظر إلى أي حيز يتناوله التشريع من الالتفات إلى اختلاف الوظيفة والأثر على هدف الهداية بالرسالة الإلهية، ومن الواضح أن قيادة الأمة هي الأبلغ أثرا في هذا الأمر، وأي تشريع يتناولها لا بد أن يكون ناظرا إلى هذه الحقيقة، لذا لا يصح في المبدأ المقارنة بين الإمامة وما يلازمها من الولاية العامة، وبين ما هو دونها من قواعد الشريعة وأحكامها، في الفقه والقضاء ودور الفقهاء في الاجتهاد، ذلك لاختلاف الوظيفة والأثر في الحيزين، وما يترتب على ذلك من الاختلاف في غايات التشريع ومنحى قواعده.
فالشريعة في الحيز الثاني ناظرة إلى حفظ الفرد والمجتمع بنظام تعبر أصوله وأحكامه أصدق تعبير عن مصلحة الإنسان ضمن واقع الوجود، لذا كانت الهداية باتباعه لجهة أنه يحقق الحد الأقصى من مصلحته ضمن الواقع المذكور، ولئن كانت بعض الاستنباطات لا تعبر عن أصولها