الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٨١
الثاني: القاعدة في القضاء أن الأصل البراءة، ولا إدانة إلا بإقامة البينة. هدف التشريع هنا ليس الإدانة بذاتها، إنما إقامة إطار من العلاقات يحترم باطن الفرد ويصون حرمته من طغيان الجماعة عليه، ويصون المجتمع من طيان الفرد. لذلك سن العقوبات الرادعة للفرد، وجعل الإدانة بالبينة، لكي يحمي الفرد من التروات، وجعل حدود نظر المجتمع في شأنه يقف عند الظاهر ولا يتعدى إلى الباطن الذي هو ملك له وحده، ولا يحاسبه عليه إلا خالقه، فلم يكن عقلائيا من قاعدة أصوب من تلك لتحقيق هذه الغايات، ولو صادف الحكم ببراءة مذنب في واقع الحال فذلك لا يضر في تحقيق الغايات الكلية من التشريع، وهذا معاقب على كل حال من خالقه في الدنيا والآخرة الذي يعلم وحده بباطن الإنسان، وعدم اتباع هذه القواعد محصلته فوضى الأحكام، ووقوعها تحت سيطرة الأهواء، وعموم الظلم والفساد، أما اتباعها فهو محقق لتلك الغايات الكلية التي هي موضع نظر التشريع هنا والتي هي عين المصلحة اللازمة لسلامة الحياة، ونصاب الحقيقة هنا هو صواب هذا التشريع في مطابقة عين المصلحة الإنسانية وتحقيقها.
وهكذا فإن غايات التشريع تختلف من حيز إلى آخر في نواحي الحياة، وبعض القواعد لا يكشف عن عين الواقع في حيز الفقه والقضاء، ومثله ما قد يكون من بعض استنباطات الفقهاء، وهو لا يحدث الخلل في الغايات الكلية التي هي موضع نظر التشريع ضمن الحيز ذي الصلة، واتباع الشريعة بجزئيتها وكليتها يحقق عين مصلحة الإنسان المعلومة
(٨١)
مفاتيح البحث: الظلم (1)، الجماعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»