الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٧٧
الأمة لهم امتثالا لهذه الفريضة، لا جريا مع الحاجة المجتمعية كالحال في النظم الأرضية، فما يترتب على هذا الامتثال من خروج عن الرسالة أو من أذية تلحق بالأمة، كله يكون لأن الفريضة على هذا النحو قابلة لمثل هذه النتائج وهذا محال أن يكون في الفرائض الإلهية التي لا بد أن تكون هادية ومحققة لمصلحة الإنسان.
ولقد بدا لأحد الأصدقاء في معرض الحديث أن يقول: لقد أمر الله بطاعة الوالدين والزوج ولم يشترط عصمتهما فما هو الفارق بين هذا وبين فريضة الولاية العامة للإمام، والجواب واضح لا يجوز فيه الالتباس، فإطاعة الوالدين والزوج لم تأت في القرآن الكريم بأمر مباشر، بل استخلصت من مجموع نصوص في الكتاب والسنة هي ذاتها جعلتها مقيدة، بينما طاعة أولي الأمر جاءت في النص الذي نحن بصدده مطلقة غير مقيدة، وبأمر رباني مباشر بالطاعة لم يأت مثله إلا في طاعة الله ورسوله، فطاعة من هذا القبيل لا تكون هادية إلا إن كان الذي خصه الله بها هاديا لا توقع طاعته في ضلال، فالفريضة بالطاعة تختلف في مضمونها وشكلها بين الحالتين، لاختلاف الحيز ذي الصلة، وهي على النحو الذي فرضه تعالى، مقيدة في الأولين، وغير مقيدة في الأخرى لا بد أنها هادية تصيب عين الصواب بتحقيق ما نظرت إليه الشريعة، وهو صيانة الأسرة والعلاقة الاجتماعية والقيم في الأولين، وحفظ الرسالة وصون الأمة من الانحراف في الأخرى، الأمر الذي لا يتحقق في حالة الطاعة المطلقة إلا بعصمة الذي أو جبها الله له.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»