الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٨٠
المرتبطة بها بدقة، لعيب في المجتهد، فإن ذلك لا يعتبر خروجا عن الالتزام بالشريعة ما دام الاستنباط مرتكزا أساسا إلى أصولها، ولا يضر بالتوجه العام للأمة في لزوم الشريعة والاهتداء بها إذ ما هو موضع نظر الشريعة هنا هو الأصول والتزام الاستنباط بها، أما وإن بعض القواعد لا يكشف عن عين الواقع فنناقشه من خلال المثالين الآتيين ليتضح المطلب:
الأول: في تشرع الطهارة يحكم على الأصل إذا لم يعلم حدوث الطارئ عليه بتغيير حاله، أي ما كان أصله الطهارة يحكم ببقائه على طهارته إذا لم يعلم بتنجسه، ويصح العمل المترتب على ذلك حتى لو صادف في عين الواقع أنه قد تنجس، ذلك لأن هدف التشريع هنا ليس تحقيق الطهارة الفيزيائية، بل التعبد لله بما سن من شريعة الطهارة للحصول على ما لها من غايات روحية ومادية فردية واجتماعية، والتي من جملتها أنها تحقق بالوسائل المتاحة لكل إنسان وفي كل مكان حدا من الطهارة النسبية اللازمة من أجل ضرورات النظافة والصحة العامة، أما الطهارة الفيزيائية فليست من ضرورات هذه الغايات، ولا من ضرورات الحياة العملية، ولا هي متاحة في الممارسة اليومية، لحاجتها إلى استخدام الوسائل الطبية، هذه الغايات تكون متاحة ولازمة فقط للغايات الطبية الخاصة.
لذلك لو صادف حكمنا بالطهارة على ثوب كان واقعيا متنجسا، لا يحدث الخلل في الغايات الكلية لتشريع الطهارة، الذي باتباع قواعده تتحقق تلك الغايات التي نظر إليها التشريع هنا والتي هي عين المصلحة عقلائيا. فنصاب الحقيقة هنا هو إصابة المصلحة التي هي في غاية التشريع.
(٨٠)
مفاتيح البحث: الطهارة (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»