الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٨٢
عقلائيا، فإصابة عين الحقيقة هو بتحقق عين المصلحة التي في غاية التشريع. فهذا التشريع يكون سبيلا هاديا للبشر واقيا من التهلكة، ولا يكون الوقوع في درجات من الهلاك والضلال إلا بالخروج عنه، حتى إذا انحرفت الأمة من خلال ضلالات اجتهادية تصدر أحكاما لا سند لها في الأصول، أو أحكاما استنسابية في القضاء، لا يكون إلا حينما تفسد شؤون الأمة بفساد أئمتها ومرجعيتها، بينما الإمام الذي هو على مستوى الرسالة، يشكل الضمانة من عدم الوقوع في مثل هذا، ومن هذه النقطة بالذات نبدأ بفهم الفارق في غايات التشريع بين الإمامة وما دونها من مواضيع الشريعة، لاختلاف الوظيفة والأثر لجهة ضمان استمرار الهداية بالرسالة، إذ أن قضية الحاكمية في الأمة تطال مباشرة هذا الأمر بغض النظر عن المراد بالولي، أكان له الولاية العامة على الرسالة والأمة، أم كان له فقط ولاية الحكم والسلطة السياسية، إذ أنه حتى في الحالة الأخيرة فإن السلطة السياسية العليا في المجتمع المتمتعة بالنفوذ والسيطرة على مقدرات الأمور، وبيدها القوة والسلطان، لقادرة على التأثير على كل نواحي الحياة، بما فيها تلك المتعلقة بالرسالة، وقادرة على حرف مسيرة الحياة العامة عنها، سواء عن جهل أو عن نية مبيتة.
على أنه مما لا شك فيه أن للإمامة ولاية عامة على الدين والأمة التي دانت به، وذلك بدليل هذا النص ذاته، بل ولقد فهم فقهاء جمهور العامة ذلك منه كما ذكرنا سابقا، وظيفة بهذا الحجم، مع ما للولي من حق الطاعة الشاملة، إن كان أولياء الأمر دون مستوى الرسالة الإلهية، قابلة إلى أن تنحرف بالرسالة والأمة، وأن يحرف الدين وتفقد الرسالة أبعادها
(٨٢)
مفاتيح البحث: الهلاك (1)، الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»