الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٦٨
من قبيل ما يحكم به القضاة والتي يحكم بها في حياته، ولكنها تشمل مرجعيته من الدين في التبليغ والبيان والتعليم والتشريع المستمرة باستمرار الرسالة، وموقعيته من القيادة في الأمة، علما أن الرسالة الإسلامية شاملة في نظمها لكل أوجه المجتمعية البشرية بما فيها شأن الحكومة والدولة، مما يفيد القيمومة على الرسالة الإلهية والأمة المؤمنة بها، حيث لا يمكن الفصل بين شؤون الأمة وبين الرسالة الناظمة لهذه الشؤون، وليس في القرآن الكريم نصوص أخرى تقيد فريضة الطاعة التي أطلقها هذا النص للرسول (صلى الله عليه وآله)، بل كل ما فيه يزيدها تأكيدا وشمولا وإطلاقا، مما يفيد الولاية العامة له على الرسالة والأمة، ولقد أوردنا في مكان آخر من هذا البحث جمله من هذه النصوص فلتراجع، وأما أولو الأمر فقد شملهم تعالى مع الرسول (صلى الله عليه وآله) في هذه الفريضة من الطاعة التي أطلقها بلا تقييد على النحو المذكور، فكانت تفيد لهم من الطاعة مثل ذلك، وليس في القرآن الكريم نصا آخر يتعلق بأولي الأمر يفيد تقييدا للطاعة المستفادة من هذا النص، وإن أي تقييد يدعى لها، فإنه يكون من نتيجة موقف سابق على النص، يفترض أولي الأمر المعنيين بالنص أنهم على شاكلة أولي الأمر الذين تولوا أمور الأمة في تاريخها، مما يستدعي لدى هؤلاء وضع قيود على الطاعة المفروضة بالنص خارجة عنه لتناسب ذلك الواقع، علما أنه لا دليل من كتاب أو سنة على أن أولي الأمر المعنيين هنا هم كذلك، بل الدليل القرآني والنبوي قائم على خلاف ذلك، ويأتي في حينه. على أنه لا بد لكي نفهم النص فهما صحيحا من أن نلتزم الحياد، بحيث نفهمه من خلال ما
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 65 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»