الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٧٨
على أن البعض قد تأول هذا النص كسواه محاولة لمطابقة النصوص مع واقع الخلافة الذي أخذ طريقه بعد أن تنكرت الأمة للأولياء الشرعيين من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، فاعتبروا أن وجوب الطاعة المفروض بهذا النص للإمام لا يقتضي عصمته في ولايته، واستدلوا على قولهم بأن الشريعة الإلهية ليست معصومة بل تنظر في أحكامها إلى المتاحات ضمن طبائع البشر، لتغليب المصلحة على المضرة والحكم بأولى الأحكام والقواعد، وأن كثيرا من قواعد الشريعة يحكم على الظاهر ولا يقود إلى معرفة عين الحقيقة، وأن الاجتهاد في الفقه قد يخطئ في الأحكام، ومع ذلك كله تبقى الشريعة وأحكامها حجة على الناس.
ونحن نقول إن في هذه الاحتجاجات مغالطات تخلق التباسا مصطنعا، ففي المقدمات بعض الصواب، لن نخوض هنا في بحثها لحاجتها إلى اعتبار مستقل غير أن ما بني عليها من نتائج غير صحيح.
أولا: لقد جعلوا معيار الصواب لديهم بقاء الحجية قائما، ولم يأخذوا بعين الاعتبار أن المعيار الحقيقي هو الهداية والضلال، فالهدف من الرسالات السماوية ليس إقامة الحجة على الخلق بذاته، بل وضع السبيل الهادي لهم لهدايتهم به، وتكون الحجة حينئذ مترتبة على ذلك ومرتبطة به، وتسقط الحجة إن سقطت الهداية بالسبيل المفروض، إذن معيار الصواب في أي نقاش حول موضوع الشريعة وأحكامها وخاصة موضوع الإمامة، هو تحقيق الهداية والوقاية من الضلال باتباع الفرائض
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»