كانوا دون تعيين منه، للاحتمال الدائم من أن يكون فيهم مثل أولئك الذين قد نهى عن طاعتهم لما لهم من خطر على الرسالة والأمة، فيؤكد أن أولي الأمر المعنيين بالفريضة هم فئة قد علم تعالى أنهم لا يحملون الأمة على معصية أو ضلال لذا خصهم بها، وهذا يستدعي أن يكون قد شخصهم للأمة لكي لا تخضع إلى طاعة أخرى يكون فيها ضلالة.
أما ما يروى من نصوص نبوية تتكلم عن طاعة الفاسق أو الظالم، فهي على فرض صحتها لو جمعت إلى بعضها البعض لنتج عنها أن النبي (صلى الله عليه وآله) إنما يخبر المسلمين عن ما سيأتي في المستقبل، وأن حكاما جائرين وفسقة سيتسلطون على رقابهم بما لا يرضي الله، نتيجة مخالفة الأمة للأولياء الشرعيين، ويوجه المسلم على مستوى الفرد كيف يتعامل مع هؤلاء أن شاء أن ينجو بنفسه.
على أن هذه النصوص لا بد من جمعها مع النصوص القرآنية الواضحة التي تنهي عن مثل هذه الطاعة، والنصوص الأخرى في الكتاب والسنة التي تكلف الأمة فردا أو جماعة بتقويم المنكر، وحينئذ نستطيع أن نفهم أن هذه التوجيهات إن صحت تلك النصوص، على أنها في حالة العجز عن التصحيح، أي حين ينطبق أمر النبي (صلى الله عليه وآله) ".. فمن لم يستطع فبقلبه.. " أو قوله تعالى * (.. إلا من أكره وقلبه مطمئن للإيمان..) * ولا يمكن في أي حال فهمها على أنها تعطى شرعية الخضوع إلى مثل هؤلاء الحكام أو تعطيهم الشرعية، بل الشرعية هي لأولي الأمر المعنيين بالنص موضع البحث وبصفتهم على النحو المذكور