الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٨٣
وتتعطل أهدافها، وأن يفشوا الظلم وتفسد شؤون الأمة بفقهها وقضائها وإدارتها، وأن تضل الأمة عن الخط الإلهي وتقع في التهلكة، كالذي حصل للمسلمين حين سيطر على أمورهم ولاة الأمر المعلوم حالهم تاريخيا، وغدا المجتمع الإسلامي دولة قيصرية ليس فيها من بقايا الإسلام سوى ما نسميه اليوم بقوانين الأحوال الشخصية، وطقوس العبادة، والمظاهر العامة للدين، فغدت الرسالة عارية أمام أعدائها الداخليين بتعطيل مرجعيتها الحقيقية، فحرفت السنة ومحقت وهي نصف الدين، وحرف تأويل نصوص الكتاب بما يوافق توجيه الحاكمين، وأصاب الفراغ موقعية الرسالة من الأمة، وفقدت دورها الأممي، وانحدر المسلمون إلى الحضيض، حتى غدوا أفقر وأجهل وأضعف وأذل من عليها، وساد على الأرض الكافرون،. ذلك لأن الله تعالى إنما جعل هداية البشر بواسطة الرسالة، فلئن لم تلتزم الأمة بخطها، أو لم تحفظ الرسالة وتصن بنصوصها ومضمونها وأهدافها وأبعادها وبرنامجها الآني والمستقبلي، لكل الأجيال والأمم بالوجه الذي يريده الله تعالى، كما بلغه رسوله (صلى الله عليه وآله)، لم يكن حينئذ بعد ذلك من ضمانة للهداية، لذا إذا ما شرع الله تعالى في شأن الإمامة مع ما لموقعها من الأثر البالغ في ذلك، كان لا بد أن يشرع على نحو لا يحتمل معه أن يؤدي إلى انحراف الرسالة عن سبيلها وخروج الأمة عن رسالتها، وإجهاض الرسالة وهلاك للأمة بذلك، أي لا بد أن يكون التشريع هنا عاصما من الضلال واقيا من الهلاك، وهذا لا يكون إلا بعصمة الإمام الذي فرض له الولاية العامة بهذا النص وأمثاله، فلو ضل الناس بمخالفة
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»