الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٧٥
يوضح محدوديتها ونسبيتها، بينما هذا النص بالذات قد جعل الطاعة شاملة غير مقيدة، فلا ينسجم مع ما دون ولاية الإمام من مسؤوليات.
ثالثا: النص يقضي بعصمة أولي الأمر:
إن الإنسان الذي يتلقى هذه الفريضة الإلهية يدرك بالبداهة وبدافع من فطرته بعيدا عن تعقيدات الفلسفة وعلم الكلام، أن الله تعالى لا يأمر عبده بما يؤدي به إلى الشر، بل لا بد أن طاعته فيما يأمر به عبده تؤدي به إلى الهدى والسلامة، هذه الفطرة السليمة هي أساس المنطق الديني الذي يستمد قوته من عفويتها المعبرة عن الأصالة في البنية النفسية والوجدانية والعقلية للإنسان، التي لم تشوهها الأهواء والمؤثرات المضلة، فأساس الفكر الديني يقوم على أن الله تعالى أرسل الأنبياء وأنزل عليهم الوحي ليقيم للناس سبيل الهدى الذي يرضاه، فأقام الحجة عليهم " لكي لا يكون للناس على الله حجة من بعد الرسل " فهم محاسبون على الاهتداء بسبيله، ويحتج عليهم به إن ضلوا بمخالفته، فهدف الرسالة السماوية هو هداية الإنسان وسلامته، والله تعالى حينما يأمر بطاعة لجهة، فإنه لا شك يقيمها على نحو لا يمكن معه إذا امتثل لها الناس أن تؤدي بهم إلى الضلالة أو التهلكة لقابلية فيها بمعزل عن تقصيرهم، إذ مثل هذا يناقض أساس المنطق الديني، وينقض مبررات الرسالة السماوية في أهدافها، فالأمر الإلهي في هذه الآية الكريمة بالطاعة غير المقيدة للرسول وأولي الأمر، ما كان ليصدر عن الله تعالى لو لم تكن هذه الطاعة عاصمة من الضلال هادية من السلامة، وصائنة لأهداف الرسالة. وهذا لا يكون إلا بعصمة الجهة التي أولاها هذا
(٧٥)
مفاتيح البحث: الحج (1)، الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»