الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٤٢
وآله)، لا مجرد إخبار بالغيب. وبعد اكتمال عدة الأئمة (عليهم السلام) باثني عشر، تحقق مصداق بشارة النبي باثني عشر إمام بعده، كما أنه قد تحققت بشارة التوراة بالنبي واثني عشر عظيم من ولد إسماعيل، كل واحد كأمة عظيمة، الأمر الذي لم يفهمه أحبار اليهود قبل ذلك لجريان الأمور مخالفة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، وهذا جعل بعض الأحبار يدخلون الإسلام حين اكتملت صورة البشارة التوراتية.
على أننا لو نظرنا بعمق إلى موضوع الغياب لو جدنا أنه من زاوية أخرى يمثل عقوبة ربانية للأمة التي بغت على رسولها وأهل بيته، وعتت على أمر ربها (1) وتمادت في ذلك حتى قتلت كل الأئمة (عليهم السلام) وقتلت أتباعهم وتعقبتهم عبر الأزمان، فهذا الإصرار على البغي الذي استمر ما يقارب الثلاثة قرون، كان مدعاة للعذاب، بما يشبه حال الأمم التي حق عليها الهلاك نتيجة تماديها في البغي والتنكر للحق، الأمر الذي نراه في مجمل الآيات القرآنية التي تحدثنا عن تلك الأقوام، حتى إذا حق عليها القول، فإن أول مظاهره تكون بحجب مرجعياتهم الربانية عنهم بجعلهم يغادرونهم ويبتعدون عنهم، ويلي ذلك الفصل وقوع العذاب، لكن الله تعالى واستجابة لدعاء نبيه ووعدا له (صلى الله عليه وآله) لم يكن ليهلك المسلمين، دون أن يعني هذا أنه لا يعذبهم، فكان العذاب

(1) قال الإمام الباقر (ع): (إذا غضب الله تبارك وتعالى على خلقه نحانا عن جوارهم) (الكافي م 1 ص 343)، وقال أيضا: (إن الله إذا كره لنا جوار قوم نزعنا من بين أظهرهم)، وعن الإمام الصادق (ع): (واعلموا أن الأرض لا تخلو من حجة، ولكن سيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»