الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٤١
بظروفها الواقعية، مع ضرورة الإمام إلى يوم الدين، تستدعي الإمام الذي علم الناس بولادته ورأوه، فالإمام المهدي (عج) قد علم مولده وتناقل الناس خبره، ونعموا ببركات اتصالهم به خلال فترة الغيبة الصغرى، بما كانوا يوجهون إليه من أسئلة عبر سفرائه، ويتلقون إجاباتها، وبما يطلبونه منه من الدعاء فيجدون قبول الله تعالى، وبما كان يصل المحتاجين منه من العطايا، وبما كان يبتدئ به شيعته من التوجيه في الشدائد على مستوى الأفراد والجماعة، وبما كانوا يلمسون من الكرامات له من إخبار لهم بالغيب، فلم يختلف الحال على الشيعة عما كان عليه قبل ذلك مع آبائه الطاهرين (عليهم السلام)، فاطمأنت نفوسهم. وتناقل الناس خبره، فكان انتقال خبر وجوده وغيابه وكراماته من جيل إلى جيل، انتقالا لأمر قد عاينوه، لا سيما أن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) من بعده قد بشروا به وبغيبته قبل ولادته، حتى كان سلاطين العباسيين يترقبون الولد لأبيه لكي يقتلوه حال ولادته، لعلمهم بما كان يحدث به المسلمون من أن المهدي الذي يملأ الأرض قسطا، ويقوض دعائم الظالمين هو الإمام الثاني عشر من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، فكان هذا الإخبار بالغيبة قبل حدوثها، من دلائل صدق النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) من بعده إضافة إلى أن كون الأئمة اثنا عشر بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، كان مما أثبته صحاح عموم المسلمين قبل اكتمال هذه العدة (أنظر مثلا مسند أحمد وكتاب سليم بي قيس)، فكان هذا من النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) مرة ثانية دليل صدقه وصدقهم، بل دليل تنصيب إلهي على لسان الرسول (صلى الله عليه
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»