على أن مخالفة الأمر الإلهي المباشر جماعيا، تجلى بأخطر صورة وأفظعها حين حصل الفرار من الزحف، رغم علمهم بأنه يوجب غضب الله والنار * (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار، ومن يولهم دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) * (1). وذلك مرات عديدة كان أخطرها يوم أحد مما عرض النبي (صلى الله عليه وآله) للإصابة وكاد أن يقتل، ولم يبق مع النبي سوى علي (ع) إلى أن عاد بعد الفرار نفر قليل اختلفت الأخبار حوله، وفي أحسنها يقل عن العشرة، ولئن كانت هذه الكارثة في بداية العهد، فإن يوم حنين كان في أواخره، وفي كلا الفرارين يناديهم الرسول بأخراهم ولا يلوون على شئ، كما عبر عنه القرآن الكريم.
فأي خطر يمكن أن يتعرض له الإسلام أشد من الفرار وترك الرسول (صلى الله عليه وآله) وحده بين جحافل الأعداء. وكلتا الحادثتين ذكرهما القرآن الكريم، ومراجعة بعض التفاصيل في كتب السيرة مدعاة إلى الخزي (2) على أن هناك فرارا في مناسبات أخرى