كتاب الصلاة - شيخ عبد الكريم الحائري - الصفحة ١٢٤
في شرح حقيقة النية فاعلم أنه لا اشكال في أن الفعل الاختياري لابد من أن يسبقه إرادة باعثة عليه منبعثة عن تصوره مشتملا على المصلحة أو دفع المضرة ولا فرق في العمل المركب من الاجزاء المتدرجة في الوجود بين الجزء الأول منه وما عداه من الاجزاء في كون كل منها اختياريا الا انه يكفي في اتصال ما عدا الجزء الأول بالاختيارية ما يبقى مرتكزا في الذهن من التصور والقصد المتعلقين بمجموع العمل أو لا بل اتصاف الجزء الأول أيضا قد يكون بهذا المعنى بان يكون للفعل مقدمات فتصور الفعل ومنفعته ثم اراده واشتغل به مقدماته ثم بقى ذلك التصور والإرادة مرتكزين في نفسه إلى آخر العمل نعم يشترط في اتصاف مجموع العمل بالاختيارية بقاء ذلك الامر الارتكازي في النفس فلو غرب عنها بالمرة لم يكن الفعل مستندا إلى الإرادة والاختيار قطعا لان الإرادة السابقة انما توجد الجزء المقترن بها لا غير ومما ذكرنا يظهر انه لا فرق بين العمل الواحد والعملين و ان لم يكن بينهما جهة جامعة بحكم العادة النوعية أو الشخص فان ما يوجد في الخارج ان كان في حال لم تكن الحالة الاجمالية المؤثرة موجودة في النفس وانما أوجده الفاعل بواسطة العادة فلم يكن من الأفعال الاختيارية له قطعا سواء كان ذلك الموجود من اجزاء العمل الواحد أو عملا آخر غير مرتبط بالسابق وان كان في حال توجد في نفسه تلك الحالة فالموجود من آثار تلك الحالة سواء كان له جهة ربط مع السابق أم لا فما افاده شيخنا المرتضى " قدره " في المقام مما لم افهم مراده ولننقل عبارته المتعلقة بالمقام قال ره في كتاب الطهارة ما لفظه.
ثم المراد باجزاء الفعل ما كان مربوطا به بجامع بحكم العادة النوعية أو الشخصية مثلا إذا تصور المختار المشي إلى السوق لأجل شراء اللحم فقام للبس ثيابه ونعله وكفى القصد التفصيلي في أول قيامه واما لبس ثيابه ونعله فضلا عن أول جزء من المشي فيكفي فيها الامر المركوز في النفس وان ذهل عن هذه الأفعال تفصيلا لكنها أفعال اختيارية صادرة عن قصد واختيار يترتب عليها ما يترتب على الفعل الاختياري لو فرض صدوره من أوله إلى آخره بالقصد والتصور التفصيلين نعم لو لم تكن الحركة اللاحقة مرتبطة
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست