بالسابق لم يكتف بقصد المجموع في أول الامر بعد تصوره فمن أراد شراء اللحم ثم زيارة مؤمن لم يكف في صدور زيارة المؤمن التصور والقصد المتعلقان في أول الشروع بالشراء والزيارة بل لابد عند الاشتغال بالمشي للزيارة من تصور وقصد متجددين انتهى كلامه رفع الله في الجنان مقامه.
إذا عرفت ما ذكرنا فنقول لا اشكال في توقف العبادة على كون الفعل اختياريا بالمعنى الذي ذكرنا وان يؤتى به على وجه يوجب القرب سواء اتى به بداعي امره أم بداعي رجحانه الذاتي أم بداعي المصلحة الموجودة فيه أم بداعي التقرب إلى المولى إلى غير ذلك من الوجوه المحسنة للفعل الموجبة لصيرورة الفاعل ذا مزية على من لم يأت به كك فمن يعتبر في العبادة النية بمعنى الاخطار بالبال ان كان غرضه اعتبار ذلك دون ما ذكرنا فهو مقطوع الفساد لوضوح ان العبادة لا تتحقق مع الاخلال بما ذكرنا وإن كان غرضه اعتبار شئ اخر زائدا على ما ذكرنا فيدفعه الأصل بعد القطع بكفاية ما ذكرنا في تحقق العبادة فلا نطيل الكلام بذكر العبارات المتعلقة بالمقام.
فان قلت اعتبار ان يؤتى بالعمل على نحو يوجب القرب ان كان من جهة توقف معنى العبادة عليه ففيه انه من المعلوم عدم التوقف ضرورة صدق العبادة على العبادات المحرمة وعلى عبادة الصنم ونحو ذلك وان كان من جهة أخرى فما الدليل عليه.
قلت نعم لا يتوقف تحقق العبادة على ذلك ولكن الظاهر الاتفاق على ذلك ولذا ذهب القائلون بعدم جواز اجتماع الأمر والنهي إلى بطلان الصلاة في الدار المغصوبة وليس الوجه فيه الا عدم حصول القرب المعتبر في العبادة من الوجود الشخصي الذي يكون مبغوضا ومبعدا.
في بيان مراتب القرب ثم بعد ما عرفت ان العبادة لا تتحقق الا ان يؤتى بالفعل على نحو يوجب القرب عند المولى فاعلم أن مراتب حصول القرب تختلف باختلاف مراتب الفاعل في كمال النفس وضعفها فالانسان الكامل لا يقصد بطاعته الا أهلية المطاع للإطاعة فلا داعي له إلى