فعمرت الأراضي القاحلة واخضوضرت، كما بنى رباطا قرب مشهد أمير المؤمنين في النجف. ولم تمض مدة وجيزة على سقوط بغداد بيد المغول حتى عادت إلى وجهها المشرق واطمأن الناس فعادوا إلى أعمالهم وزراعاتهم، فتضاعفت عائدات بغداد. حتى ليقول ابن شاكر الكتبي في كتابه: (فوات الوفيات) ج 2، ص 75 - 76 - كانت بغداد أيام علاء الدين عطا ملك) أجود مما كانت عليه أيام الخليفة. كما قال اليونيني في ذيل مرآة الزمان: (ج 4، ص 224 - 225)، عن عطا ملك:
كانت سيرته من أحسن السير وأعدلها بالرعية.
واستمر حكمه في بغداد ما يقرب من أربع وعشرين سنة، ست منها في عهد هولاكو وسبع عشرة سنة في عهد أباقا إلى سنة 680، والسنة الأخيرة كانت في عهد تكودار.
ويقول الشبيبي في الجزء الثاني من كتابه ابن الفوطي: " وفي سيرة علاء الدين (عطا ملك) الجويني كل ما بدل على التنكر للوثنيين الطغاة من حكام المغول وإعادة الأمم الإسلامية المغلوبة على أمرها في الشرق إلى العيش في ظل راية إسلامية ولو كان هؤلاء المسلمون من الشعوب المغولية ا ه.
ونقول: إن أعظم إنجازات عطا ملك عمله متعاونا من رجال أسرته على إدخال المغول في الإسلام. وهذا ما قد نتحدث عنه في موضع آخر.
بين الطاغيين جنگير وهولاكو هما من طينة واحدة: طينة الطغيان والظلم وسفك الدماء وإخراب العمران. وكل منهما هاجم الوطن الإسلامي وانتصر عليه، وقد رأينا فيما تقدم مصير البلدان الإسلامية التي افتتحها الطاغية السفاح هولاكو، فبغداد مثلا بدأ فيها القتل العام والتخريب العام ثم أوقفا في الحال، ولم يلبث أن حكمها وما إليها، حكام مسلمون استقلوا بها استقلالا تاما أعادوا إليها رونقها وبهجتها، ما فصلناه فيما تقدم.
ولم تتعرض أي مدينة إسلامية للإحراق والتخريب والهتك في الزحف