يعهد به للمستهترين الطغاة الظالمين المستغلين للشعب، بل للمعروفين بمتانة الدين وحسن اليقين.
ثم يصف ابن الفوطي بعض ما فعله هذا الحاكم، في العراق عامة وفي بغداد خاصة: "... تداركهم الله بلطفه فقدمها (بغداد) وعمر المساجد والمدارس ورمم الربط والمشاهد وأجرى الجرايات من وقوفها للعلماء والفقهاء والصوفية، وأعاد رونق الإسلام بمدينة السلام وحاز بهذا الفعل الجميل الذي يبقى على جبهات الزمان حسن الأجر والثناء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ".
وإذا كانت جملة في هذا الكلام تستحق الوقوف عندها طويلا، فإننا نكتفي بالوقوف أمام جملة واحدة تغني عن الوقوف على كل ما عداها: " أعاد رونق الإسلام بمدينة السلام ".
لقد عاد رونق الإسلام إلى مدينة السلام: عمرت المساجد والمدارس والربط والمشاهد، وأجريت الجرايات للعلماء والفقهاء والصوفية... أجل عاد رونق الإسلام إلى بغداد في ظل الحكم الاستقلالي الذي توفر للعراق بعد فتح بغداد..!
والشاعر شمس الدين الكوفي الهاشمي الواعظ الذي رثى بالأمس بغداد عند سقوطها بيد هولاكو بمثل قوله:
لسائل الدمع عن بغداد أخبار * فما وقوفك والأحباب قد ساروا يا زائرين إلى الزوراء لا تفدوا * فما بذاك الحمى والدار ديار تاج الخلافة والربع الذي شرفت * به المعالم قد عفاء إقفار أضحى لعطف البلى في ربعه أثر * وللدموع على الآثار آثار عاد اليوم يقول في حاكم بغداد الجديد عماد الدين عمر بن محمد القزويني:
يا ذا العلى يا عماد الدين يا ملكا * بعدل سيرته يسمو على السير لما اصطفاك لهذا الأمر منزله * جبرت منا ومنه كل منكسر