جمعت عدلا ومعروفا ومعرفة * والعدل ما زال منسوبا إلى عمر أحيا المدارس من بعد الدروس * بإلقاء الدروس حياة العلم والفكر وعاد كل رباط بعد ما هجرت * أرجاؤه عامرا بالذكر والسمر رددت للجامع المعمور رتبته * الأولى وأبقيت فيه أحسن الأثر فيه صلاة وتذكير وموعظة * وجمعة وقبول البحث والنظر ألبست مشهد موسى (1) إذ حللت به * الحلي بعد لباس البؤس والضرر فالله يشكر ما أوليت من حسن * وسائر الخلق والمبعوث من مضر وإذا كانت مدة عماد الدين في حكم العراق لم تطل فقد خلفه في منصبه علاء الدين عطا ملك الجويني سنة 657 الذي تركه المغول يستقل بالعراق استقلالا كاملا والذي تفوق على سلفه في التوسل بجميع الوسائل الممكنة لبعث حركة عمرانية كبرى في العراق بأسره، فهو الذي جدد المدارس المتداعية وأنشأ جملة من المدارس ودور الكتب وغير ذلك، كما أنشأ جملة من الرباطات والملاجئ والمستشفيات وأجرى عليها الجرايات، وعني بتعمير المشاهد في النجف وكربلاء والكاظمية، وحفر الأنهار والترع. وهو الذي شجع حركة التأليف والمؤلفين وأجزل العطاء والبذل لهم. ومن هذه الناحية نجد جملة من أمهات الأسفار والمصنفات في شتى الموضوعات العلمية والأدبية والتاريخية مهداة لخزانته أو خزائن أهله وذويه. وفي الواسع أن نقول: أن الجويني بز جميع من حكموا في عهد المغول في بعث حركة إنشائية كبيرة شملت العراق وارس وآذربيجان (2)، واستمر عطا ملك في منصبه طوال حكم هولاكو إلى أن توفي هذا سنة 363 وحل محله ابنه آبقا، فظل عطا ملك في عهده مستقلا بحكم بغداد وسائر العراق، وكان مهتما - كما قلنا - بتعمير البلاد وصالح العباد فخفف من الضرائب التي كانت تجبى من الفلاحين والدهاقين وأجرى القنوات وأنشأ القرى وشق نهرا من الفرات إلى الكوفة والنجف وكلفه ذلك قرابة مئة ألف دينار ذهبا وأسس على ضفافه مئة وخمسين قرية
(٢٨٩)