الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٧٩
هذا هو الأصل في كل ما ذكر. أما ما ذكر بعد ذلك فهو ما توسع به المتوسعون وإضافة المفترون.
وإذا كان سفلة المدينة وأوباشها هم أصل التهمة، فإن سفلة التاريخ وأوباشه هم من تبناها ونشرها.
عدو عريق في عداوته يريد أن ينال من عدوه، فينشر في أوساط السفلة والأوباش إشاعة، فيأتي بعد ذلك من توافق هذه الإشاعة هو أهم فيفرقها كل منهم في القالب الذي يختاره حتى يبلغ بهم التناقض أحيانا أقصى مداه، ثم يولع بعضهم بالافتراء فيضيف أشياء لم يقل بها الذين سبقوه مما سنراه فيما يلي:
أبو شامة المتوفى سنة (665 ه‍ - 1262 م) يقتصر في تهمه وهو يتحدث عن حوادث سنة (656 - 1258 م) على هذا القول: " استولى التتار على بغداد بمكيدة دبرت مع وزير الخليفة ".
وجا قطب الدين اليونيني المتوفى سنة 726 (1325 م) فأعاد العبارة نفسها، ثم راح يعلل أسباب ذلك بأن الدواتدار والأمير أبا بكر ابن الخليفة تقدما إلى الجند بنهب الكرخ فهجموا ونهبوا وارتكبوا العظائم، فشكا أهل الكرخ (وهم من مذهب الوزير) ذلك إلى الوزير فأمرهم بالكف والتغاضي وأضمر هذا الأمر في نفسه وحصل بسبب ذلك عنده الضغن على الخليفة.
ثم يوغل اليونيني بالتفاصيل بما لا يخرج عن الاتهام، ويزيد على ذلك بأن صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ كاتب الخليفة سرا في التحذير من المفعول، وأن الوزير لم يكن يوصل رسله إلى الخليفة.
ثم جاء الذهبي المتوفى سنة (248 ه‍ - 1347 م) فقال وهو يتحدث عن أحداث سنة (648 ه‍ 1250 م): " أما بغداد فضعف دست الخلافة وقطعوا أخباز الجند الذين استنجدهم المستنصر. كل ذلك من عمل الوزير ابن العلقمي الرافضي، جهد في أن يزيل دولة بني العباس ويقيم حكما علويا وأخذ يكاتب التتار ويراسلونه والخليفة غافل لا يطلع على الأمر ولا حرص له على المصلحة ".
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»