الإسلام، سيستطيع بإخلاصه وإيمانه الذين لا حد لهما وبعقله الكبير وفكره المنظم وتدبيره الحازم، سيستطيع أن يشرب قلوب المغول الميل إلى الإسلام، ثم اعتناق الإسلام.
فأعد لهذه المرحلة الحاسمة جماعات واعية تحسن التخطيط والتنفيذ كان في الطليعة منها: " آل الجويني) الذين نشأوا على حب أهل البيت، وما يبعثه هذا الحب من إخلاص وحمية ونضال وتفان في سبيل الإسلام.
ثم في النهاية أسلم المغول على يدي تلاميذ الطوسي، ونجح مخطط الطوسي نجاحه الأكبر.
لقد أجبر (هولاكو) بجبروته نصير الدين الطوسي على السير في ركابه قصدا لاستغلال علمه، ولكن الطوسي عرف بعلمه وعقله وتدبيره كيف يستغل هولاكو، فانهزم الطغيان أمام الإيمان والعلم والعقل الكبير المدبر.
إن الطوسي وتلاميذه صمدوا للجيوش الجرارة فاستحالت بهم مسلمة بعد وثنيتها... فكان الطوسي بطل الإسلام في عصر عزت فيه البطولات.
يوجز الزركلي في كتابه (الإعلام) وصف الطوسي قائلا: " فيلسوف كان رأسا في العلوم العقلية، علامة بالأرصاد والمسجطي والرياضيات. علت منزلته عند هولاكو فكان يطيعه فيما يشير به عليه ".
الأسير المغلوب على أمره عاد يأمر فيطاع، عاد الآسر أسيرا، والأسير آسرا!...
كانت في هولاكو إلى قوة الجند وقوة السلطة: قوة الشخصية. ويقابل ذلك في الطوسي قوة العلم وقوة الفكر، وإلى ذلك قوة الشخصية...
عنا القوي في جنده وسلطته إلى القوي في علمه وفكره، لأن كل ما لدى الأول من سيوف ورماح ونبال وتروس لا يستطيع أن يرفع حجرا فوق حجر في جهاز المرصد، ولا أن يقيم آلة من آلاته، فكل ما لدى هولاكو من سيوف ورماح ونبال ونروس لا يوازي في هذا المقام جرة قلم يقلبه الطوسي بين أنامله...