الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٩٢
فالمسلمون الذين صحبوه كانت لهم مصالحهم التجارية ومنافعهم الشخصية وضعفهم النفسي، وقد كانت انتصارات جنگيز تؤمن لهم المصالح والمنافع فلم يبالوا بغيرها، وحتى لو بالوا أو بالى بعضهم فقد كانوا في نفوسهم أضعف من أن يتصدوا لشئ، وكانوا في واقعهم من أن يبالي بهم جنگيز.
أما هولاكو الذي لا يقل أصالة في الشر عن جده جنگيز فقد كان له كابح يلوي عنانه ويروض جماحه ويثني من انطلاقه، هذا الكابح الذي لم يكن مثله لجنگيز.
هذا الكابح تمثل في شخص الرجل المخلص القوي النفس الماضي العزيمة الذي إذا قال عنا السامع لقوله، ولو كان هذا السامع هولاكو الجبار العاتي...
ما كان أبلغ كلمة محمد مدرسي التي افتتحنا بها هذا الفصل وهي: " فضلا عن مقام الطوسي العلمي استطاع بتأثيره على مزاج هولاكو أن يستحوذ تدريجيا على عقله وأن يروض شارب الدماء فيوجهه إلى إصلاح الأمور الاجتماعية والثقافية والفنية ".
كان فضل نصير الدين الطوسي على العالم الإسلامي باضطراره لمصاحبة هولاكو - كان فضله أن لم يكن مصير: قزوين وهمذان والدينور وكرمنشاه وحلوان وأسدآباد والبصرة وتستر وكل مدن خوزستان، ثم بغداد (1) وبعد ذلك ديار

(1) يقول في (الحوادث الجامعة) ص 333، وفي جامع التواريخ ج 2، ق 1، ص 2595 ومؤلفاهما معاصران مشاهدان أن هولاكو أمر بإصلاح ما خرب من المدينة (بغداد) وترميم وإعادة أعمال أهلها إلى ما كانت عليه سابقا.
وهكذا نرى أن الطوسي حمل هولاكو على إعادة ما خرب أو احترق من المدينة على نفقة الدولة.
وصاحب كتاب (مراصت الاطلاع) الذي كتب كتابه بعد فتح بغداد يتحدث عن محلات بغداد ومواقعها بما يدل على واقع الحال يومذاك:
فهو يقول عن سوق الثلاثاء أنه (سوق بغداد من أعمر أسواقها وهو سوق البزازين).
وعن محلة المأمونية أنها: " محلة كبيرة طويلة عريضة ببغداد بين نهر المعلى وباب الأزج). وعن باب الأزج أنها (محلة كبيرة ذات أسواق كثيرة ومحال في شرق بغداد).
وعن قراح ابن زرين (وأهل بغداد يسمون البستان قراحا. وفي بغداد عدة محال تسمى بقراح مضاف إل رجل يعرف باسمه). ثم يقول عن قراح ابن رزين أنه (أقرب المحال في وسط البلد). وذكر أن محلة المقتدية في الجانب الشرقي وأن محلة المختارة (بين باب البرز وقراح القاضي ومحلة المقتدية) وعن قراح ظفر أنه (ظاهر محلة الظفرية).
وعن محلة قراح القاضي: (إذا خرجت من قراح رزين على يمينك درب واسع فيه درب قراح القاضي على يسارك ثم يمتد إلى قراح أبي الشحم، وفيه دروب عن يمينك وشمالك). وعن محلة القبيات أنها (محلة ببغداد وراء قراح أبي الشحم). وقد وردت محلة البصلته تحت اسم البصلة وورد عنها أنها (محلة في طرف بغداد في الجانب الشرقي متصلة باب كلواذى). وعن قطيعة العجم أنها (بالجانب الشرقي في أسفل البلد بين باب الحلة وباب الأزج: محلة عظيمة كبيرة فيها أسواق كأنها مدينة برأسها).
وعن الظفرية أنه (محلة ببغداد متصلة بالحريم الظاهري باقية إلى الآن وبها سوق) وعن نهر المعلى أنه محلة وأنه (من عقد الجديد إلى عقدي المصطنع في الشارع الأعظم من الريحانيين وباب النوبي إلى باب جامع القصر إلى العقدين وفيه السوق والدكاكين). وعن الجعفرية أنها (محلة كبيرة مشهورة في الجانب الشرقي من بغداد).
وعن القرية بالتصغير أنها (محلتان ببغداد إحداهما في حريم دار الخلافة وهي كبيرة فيها محال وسوق والأخرى بالجانب الغربي) وعن الحلبة أنها (محلة كبيرة ببغداد قرب باب الأزج). وقد ورد صاحب المراصد هذه المحلات دون أن يشير إلى خرابها.
يضاف إلى ذلك أنه أورد عددا من الدور المهمة في بغداد. (ص 40 - 59). يضاف إلى ذلك أن كتاب (الحوادث الجامعة) - وهو معاصر - يؤكد وجود دار الخلافة ودار الدويدار الكبيرة وجامع الخليفة وقد أحرق وأعيد إصلاحه، والمدرسة النظامية وسوقها والمدرسة المستنصرية والمدرسة التتشية الأصحاب ومدارس وربط أخرى (ص 330 - 426).
(٢٩٢)
مفاتيح البحث: مدينة بغداد (11)، الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»