الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٨٧
ولم يكن يومذاك للفروق العرقية ما لها اليوم من البروز، فقد كان الأصل وجود (وطن إسلامي) كل المسلمين مواطنوه.
وهكذا نرى أن هولاكو لم يحكم العراق حكما مغوليا مباشرا برجال مغول، بل ترك حكمه لأهله مستقلين به (1).
ويمكننا القول أن أول حاكم فعلي حكم العراق بعد سقوط بغداد مباشرة هو عماد الدين عمر بن محمد القضوي القزويني، وهو وإن كان غير عراقي، ولكنه كما قلنا مسلم من مواطني الوطن الإسلامي الذي يشترك في مواطنيته العرب والفرس والترك والكرد وغيرهم.
وكل الأحداث تشهد أنه حكم العراق حكما مستقلا، وأن يده أطلقت في هذا الحكم إطلاقا كاملا لا تدخل مغوليا فيه، ولا سيطرة (هولاكوية) تحول بينه وبين تنفيذ ما يخطط لإنهاض الوطن.
ويصفه المؤرخ العراقي المعاصر للأحداث والمشاهد لها عن كثب، عبد الرزاق بن الفوطي بمثل هذا القول: " كان من أعيان أهل قزوين المعروفين بمتانة الدين وحسن اليقين " (2)، اه‍.
إذن فاختيار الحكام لا سيما الحاكم العام لم يكن اعتباطيا ولا عشوائيا، ولا

(1) بعد أن استقر الأمر لهولاكو عين للإشراف العام على إدارة البلاد التي أخضعها كلا من ابنه الأكبر أبقا للإشراف على العراق وخراسان ومازندران حتى نهر جيحون، وابنه يسموت على أران وآذربيجان، والأمير تودان على ديار بكر وديار ربيعة حتى شاطئ الفرات، ومعين الدين بروانه على آسيا الصغرى، والملك صدر الدين على تبريز، والأمير أنكيانو على فارس، وفوض منصب صاحب ديوان البلاد كلها لشمس الدين الجويني وأطلق يده في كل الأمور. وفوض حكم بغداد إلى أخيه علاء الدين عطا ملك.
وصاحب الديوان: هو من يتولي في الدولة إدارة الشؤون المالية وما يرد إلى المملكة من واردات، ما يعادل ما اصطلح على تسميته في العصور الأخيرة باسم (وزارة المالية).
(2) المعجم. (4 / مادة عماد الدين).
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»