الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٩٤
وكان من فضله أن أقام تحت سمع هولاكو وبصره معاهد العلم وخزائن الكتب وأغدق على العلماء المال فتجردوا لنشر العلم وتأليف كتبه. يقول بن الفوطي في (الحوادث الجامعة ص 353: " إن هولاكو كان يحب العلماء والفضلاء ويحسن إليهم ويجزل صلاتهم ويشفق على رعيته ويأمر بالإحسان إليهم والتخفيف عنهم ولم يثقل عليهم ولا كلفهم ما جرت عادة الملوك به من التكليفات والتوزيعات وغير ذلك " وانظر أيضا شذرات الذهب 5 / 316 ونقول: هذا كله كان بتوجيه نصير الدين. ثم مهد الطريق لإسلام المغول وأعد جيلا واعيا ليوالي المسيرة بعده.
المخطط الذي وضعه نصير الدين الطوسي لإنقاذ العالم الإسلامي من براثن المغول ووثنيتهم الحاقدة على الإسلام وأهله، والهادفة إلى تفويضه في دياره بالقضاء على سلطانه ثم زلزلة العقيدة وتحطيم الفكر ونشر الجهل..
المخطط الهادئ المتواري عن الشبهات الذي وضعه نصير الدين كان يؤتي ثماره ثمرة بعد ثمرة. فالكتاب الإسلامي سلم من الاندثار وتجمعت خزانته الكبرى في مراغة، والعلماء المسلمون عاد فاجتمع شملهم من جديد، والمدرسة الإسلامية استأنفت سيرها، والفكر الإسلامي أخذ بالتألق والازدهار!..
بقي التغلب على المغول نهائيا. التغلب العسكري كان مستحيلا، ولكن لماذا التفكير بالتغلب عليهم عسكريا، لماذا لا نذيبهم في الإسلام؟ لماذا لا نتغلب عليهم عقائديا بدل أن نتغلب عليهم عسكريا، إذا استطعنا أن نحيلهم مسلمين وننتزع الوثنية من نفوسهم كان ذلك هو النصر الأكبر.
هذه هي الخطوة الكبرى التي كان يخطط لها الطوسي بعد نجاحه في الخطوات الأولى. إن نجاحها - لما يعترض طريقها من مصاعب -، كان يبدو مستحيلا...
ولكن الذي استطاع أن " يروض شارب الدماء "، وأن يستغفل الجبار الطاغية فيقيم تحت سمعه وبصره مكتبة الإسلام ويشيد مدرسة الإسلام ويقيم مجمع علماء
(٢٩٤)
مفاتيح البحث: الجهل (1)، الغلّ (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»