الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٤٠
ناحية ليتولى الدعوة فيها، فذهب ابن حوشب في اتجاه الجنوب حتى بلغ مدينة (جند) الجبلية إلى الجنوب من صنعاء.
وذهب ابن الفضل إلى (جيشان) و (يافع) غير بعيد عن جند. ثم تمكن ابن حوشب من الوصول إلى (لاعة) وهي على جبل جنوبي صنعاء، وقريبا منها تقع قلعة (عدن لاعة). فاستقر في هذه الربوع، واتخذ من هذه الدسكرة المنيعة مركزا ينشر منه دعوته. ومضى متقشفا زاهدا ورعا، فجذب إليه النفوس، وتغلب على الحاكم العباسي وعلى الأمراء المحليين واحدا بعد واحد.
وفي العام 270 خطا خطوة جديدة حيث بنى دار هجرته جنوب صنعاء بجبل مسور، الذي صار منذ ذلك اليوم منطلق الدعوة الإسماعيلية، وقامت فيه أول قوة عسكرية إسماعيلية مرهوبة اعتمد عليها ابن حوشب في السيطرة على اليمن وإنشاء حكمة الإسماعيلي فيه باسم الإمام المستتر. ومن هنا لقب بمنصور اليمن.
ولم يقف ابن حوشب نشاطه على اليمن وحده، بل " فرق الدعاة في البحرين واليمامة والسند والهند ومصر والمغرب ". وكان آخر دعاته إلى المغرب أبو عبد الله الشيعي الذي كان له بعد ذلك من الشأن ما أدى إلى إنهاء دور الستر وإعلان الخلافة الفاطمية على يد أول خلفائها الظاهرين عبد الله المهدي.
هذا أمر ابن حوشب. وأما علي بن الفضل، فلم يكن أقل نجاحا من ابن حوشب، فاستطاع أن يجمع حوله الناس، وكان من مقره في (جيشان) و (يافع) ينشر الدعوة ويبشر بها حتى استقر الأمر له ولابن حوشب.
وفجأة يقع خلاف بينهما ويقاتل ابن حوشب صاحبه ابن الفضل، وقد نسب لابن الفضل أنه خرج عن الإسلام لا عن الإسماعيلية فقط. وهي أقوال لا نستطيع أن نأخذ بها، فقد رأينا أن الخصومات يتهم بعضها بعضا بهذا وأمثاله في كل عصر ومصر.
يقول الدكتور محمد جمال الدين سرور في كتابه (النفوذ الفاطمي في جزيرة العرب) ص 63، طبعة 1993 نقلا عن (أسرار الباطنية وأخبار القرامطة ص 27 -
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»