الأمن على سيف البادية، وحين آن الأوان لإعمار هذه البلدة كان الإسماعيليون في الجبال الغربية قد وقع اختيارهم عليها، وقد واقفت الحكومة التركية على هذه الفكرة لأنها بلدة إسماعيلية في الأصل. وهكذا عادت سلمية ثانية لتكون بلدة وذلك سنة 1848 م.
في سلمية استقر عبد الله مع ابنه أحمد ولي عهده في سلمية بعد أن هاجر إلى مازندران والأهواز، ولما توفي عبد الله تولى الإمامة ولده أحمد، وأصبحت (سلمية) المركز الرئيسي للدعوة الإسماعيلية، فكان يخرج منها الدعاة لنشر دعوتهم في البلاد الإسلامية. وظلت على هذه الحال أيام الإمام الحسين بن أحمد بن عبد الله الذي استطاع أن يقيم في سلمية آمنا مطمئنا دون أن تناله يد العباسيين. والواقع أن كرم الإمام الحسين وبذله الأموال الكثيرة وتفانيه في إظهار حبه للهاشميين وتفاني أنصاره في طاعته، كل ذلك ساعد على ذيوع الدعوة في سلمية (1) ومنها انتشرت في أنحاء العالم الإسلامي.
وبالرغم من أن الدعوة كانت سرية في عهد الاستتار وكان الأئمة ودعاتهم يتخذون الستر تقية على أنفسهم خوفا من بطش العباسيين فقد استطاع الباحثون المحدثون بفضل الكشف عن بعض مخطوطات الفاطميين أن يعثرون على أسماء بعض الدعاة الذين كانوا في دور الستر الأول. نذكر من هؤلاء الدعاة: الحسين بن حوشب بن زادان الملقب بمنصور اليمن، وهو الذي أوفده الإمام الثالث من أئمة دور الستر - الحسين بن أحمد بن عبد الله - للدعوة باليمن. ومنهم الداعي فيروز وكان داعي الدعاة في زمن المهدي قبل ظهوره في المغرب، وكان من أجل الناس عند الإمام ومن أعظمهم منزلة، والدعاة كلهم أولاده ومن تحت يده. وهو باب الأبواب إلى الأئمة. ومنهم أبو جعفر الجزري، وكان له أيضا محل جليل عند المهدي لأنه كان من كبار الدعاة، ووكله المهدي بالحريم عندما فر من سلمية،