الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٥١
فقد كان الموقف الأقرب إلى السلامة هو أن يتجه من (قسطيلة) إلى حيث ترابط جيوشه المنتصرة بقيادة أبي عبد الله، ولكنه بذلك سيكشف أبا العباس ويتحقق زيادة الله أن الرجل المشتبه بأنه رسول الله عبد الله المهدي، والمدعي بأنه تاجر صحب تاجرا ثم انفصل عنه - سيتحقق زيادة الله بظهور المهدي على رأس جيوشه المنتظرة له، بأن سجينه هو فعلا رسول عدوه فيعمد إلى قتله في الحال، فغامر المهدي بالابتعاد عن مكان أبي عبد الله وقصد سجلماسة.
يقول ابن الأثير: (ص 39): فلما وصل المهدي إلى (قسطيلة) ترك قصد أبي عبد الله الشيعي لأن أخاه أبا العباس قد أخذ، فعلم أنه إن قصد أخاه تحقوا الأمر وقتلوا، فتركه وسار (سجلماسة).
وعرف زيادة الله بوصول المهدي إلى قسطيلة فأرسل من يقبض عليه فيها، ولكنه كان قد غادرها إلى سجلماسة قبل وصولهم.
وفي سجلماسة عرف كيف يبعد الشبهة عنه عند حاكمها إليسع بن مدارار إذ أهدي إليه الهدايا وواصله، فبادره إليسع تقربا بتقرب ومالت نفسه إليه وأحبه، دون أن يعرف حقيقة أمره.
ولكن زيادة الله كان هذه المرة أسرع تصرفا، فأرسل إلى اليسع يخبره بن نزيل سجلماسة المقرب منه هو المظنون بأنه عدوهما المشترك الذي يدعو إليه أبو عبد الله الشيعي، فبادر إليسع في الحال إلى القبض على عبد الله المهدي وإيداعه السجن.
والواضح أن الأمر كان لدى زيادة الله أمر ترجيح لا أمر يقين، لأنه حتى تلك الساعة لم يكن لديه ما يثبت ثبوتا قاطعا أن سجين سجلماسة هو عبد الله المهدي، وهذا ما بدا لاليسع بن مدرار، وكان احتفاظه به في السجن نوعا من التحوط لا أكثر.
على أن إليسع بن مدرار لم يكن تابعا لزيادة الله، ولم تكن سجلماسة ضمن
(٢٥١)
مفاتيح البحث: إبن الأثير (1)، القتل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»