وبين حمص والسلمية خمسون كيلو مترا، وبينها وبين حماه خمسة وثلاثون كيلو مترا، فهي تقع إلى الشرق من المدينتين وعلى سيف الصحراء التي كانت تسمى بادية السماوة أو بادية بني كلب، وقد أطلق عليها في السنين الأخيرة اسم (الحماد). ويحيط بالبلدة مرتفعات كثيرة متنوعة وجبال قليلة الارتفاع. وقد تناوبت عهود كثيرة وأجناس متعددة على هذه البلدة فملكها أولا العمؤريون ثم الحثيون ثم الآراميون ثم الأشوريون ثم الكلدانيون فالفرس ثم الإسكندر المقدوني الذي تولى سوريا بعده سيلوقوس، ثم تولى أمرها الرومان الذين ينسب إليهم سورها القديم كما تنسب إليهم الأقنية التي اشتهرت بها هذه المدينة والتي بلغ عددها حوالي ستين قناة تسير من الشرق إلى الغرب لتسقي أراضيها وتروي مزارعها. والآثار اليونانية والرومانية ما زالت باقية في البلدة على شكل أعمدة وأحجار عليها نقوش وتصاوير يونانية ورومانية. وقد سماها اليونانيون السلاميس تيمنا بمعركة السلاميس اليونانية التي انتصروا فيها على الفرس، أو لأن السلمية تشبه مدينة من مدن اليونان هي مدينة سلاميس الكائنة على ساحل بحر إيجة. ولكن الذي أراه أن السلمية سميت بسلامنياس بالنسبة لمركبات ملح الطعام وملح البارود فيها " أعني كلورور الصوديوم " و " كلورور البوتاسيوم "، وهذا الأخير يشكل ملح البارود الذي اشتهرت به هذه البلدة في أوائل هذا القرن. وأما ملح الطعام فيها فبالنسبة للسبحة التي تقع شمالي البلدة والتي كانت مصدرا من مصادر ملح الطعام في هذه المنطقة. وهناك تسمية أخرى للبلدة ولكنها أسطورية كما أعتقد، فقد جاء في معجم البلدان لياقوت الحموي (م 3، ص 240) أن بلدة سلمية كانت تقع قرب بلدة المؤتفكة التي نزل بأهلها العذاب فدمت ولم يسلم منها سوى مئة نفس فنزع هؤلاء إلى سلمية فعمروها وسكنوها فسميت (سلم مئة) ثم حرف الاسم إلى سلمية، ثم اتخذها منزلا له ولولده عبد الله بن صالح العباسي وبنى فيها الأبنية كما بني بها المسجد ذا المحاريب السبعة.
ولا شكب أن الشئ البارز والهام في تاريخ سلمية كله هو علاقتها مع آل البيت، فأهل سلمية هم منذ القديم من الفئة الإسماعيلية.