فضل بعض أو إثبات نقص له أو إيراد طعن عليه، من الصحابة كان أو من غيرهم، لا يوجب - الخروج عن الدين ولا يجوز الحكم على المنكر بالكفر ولا يستحق المنكر، القدح والتوهين، اللهم إلا أن يخرج الكلام مخرج الغيبة أو البهتان والافتراء وكان ثابتا في - الدين عدم جوازه وحرمته فيحكم بحكمه ولا يتعداه.
وكيف كان، الشبهة في المصداق في هذه الموارد أيضا أمر بحاله باق، فلا معنى للحكم بالكفر والقتل والإحراق. اللهم اهدنا سبيل الرشاد واجعل التقوى، في - القول والعمل، لنا خير الزاد، وصل وسلم على رسولك وعلى آله الأمجاد.
- 22 - لعل الناظر في هذه الأوراق، وهو توجه إلى ما يكون بين الشيعة وبين أهل - السنة، في الحقيقة والعقيدة، من الاتفاق ثم يشاهد ما بينهما من حيث التوادد والتحابب والمعاشرة والخالطة من الاختلاف والافتراق، تعجب من ذلك، وأحب أن يعرف الباعث لذلك فليرجع إلى تاريخ الإسلام وليتدبر زمان عثمان، وكلمتهم واحدة وهمتهم متفقة، لا تشعب فيهم ولا تحزب لهم، وأما الخلاف الذي حدث في آخر زمانه، لم يكن بالحقيقة اختلافا كان منشأوه وجود فرقة خاصة تجاه فرقة أخرى فما كان التفرق ولا اختلاف فيه بمعنيه المصطلح والمنظور، الذي ينبعث من كون أتباع شخص أو أشياع مسلك ومرام قبال مخالفة في مذهبه ومرامه، بل كان منشأوه إن المسلمين، أو بعضهم صاروا ناقمين على الخليفة، طاعنين عليه وعلى عماله من بني أمية، المتجاهرين، على ما قالوا، بالفسق والفساد، المتظاهرين بالجور والعناد وكانوا ملتمسين من الخليفة الصلاح والإصلاح، سائلين منه النجاح والإنجاح، وهو يتسامح في فعله حتى انجر إلى ما انجر إليه، من قتله.