كامنة في نفوسهم، من الحقد والحسد والبغضاء على بني هاشم، ومن الكبر والخيلاء على غيرهم، وظهرت آثار القومية المدروسة في أحوالهم وأقوالهم وأعمالهم المنحوسة، فنظروا إلى الخلافة المقدسة نظرهم إلى السلطنة المدنسة، وزعموا أنها لهم بالاستحقاق، وأنهم لها بالاستعداد، وعزموا أن يتلقفوا، على ما اقترح وأوصاهم شيخهم وكبيرهم (أبو سفيان) كما تتلقف الكرة، وصمدوا إلى أن يحفظوها لهم وفيهم بالمداولة، ووتدوا أرجلهم لأن يكونوا كما أمر أيضا شيخهم وجعل عليهم الفرض بقوله: " فاجعل بني أمية أوتاد الأرض " 1. أوتادا في الأرض.
قتل عثمان لفساد حاشيته من قومه، ولا سيما ما كان من مروان ابن عمه، الذي قال علي (ع) في حقه: " إنه ستلقى الأمة منه ومن ولده يوما أحمر " و " انثال الناس على علي من كل جانب " و " أقبلوا إليه إقبال العوذ المطافيل على أولادها، يقولون: البيعة... " و " تداكوا عليه تداك الإبل - إليهم إلى حياضها يوم ورودها حتى انقطعت النعل وسقط الرداء... " و "...
وطئ الحسنان وشق عطفاه... " على ما عبر علي (ع)، نفسه (نهج البلاغة)، و "... انكفأوا قبل ابن أبي طالب انكفاء الجراد، أبصر المرعى " كما عبر مروان في كتابه إلى معاوية يخبره بقتل عثمان.
وكان علي (ع) يمتنع ويأبى، كما صرح بقوله: "... فأبيت عليكم، وأمسكت يدي فنازعتموني ودافعتموني، وبسطتم يدي فكففتها ومددتم يدي فقبضتها، وازدحمتم علي حتى ظننت أن بعضكم