الإسلام والشيعة الإمامية في أساسها التاريخي - محمود الشهابي الخراساني - الصفحة ٤٩
- 23 - كان هناك وميض نار تحت الرماد وذلك أن ما كانت بين بني أمية وبين بني هاشم طوال سنين، من العصبية والمنافرة والعناد، صارت خفيفة ضعيفة بظهور الإسلام وغلبته، ودخول أكابر سلالة أمية وشيوخهم طوعا وكرها في الإسلام، وقبولهم رغبة أو رهبة ما كان من طلبته، بل صارت في الظاهر دارسة معدومة، وتبدل عنوان " القومية " والتفاخر بها بعنوان " الإسلام " و " المؤمن "، أولا، وبعنوان " المهاجر " و " الأنصار " ثانيا، متداولة معمولة.
كان الأمر على ذاك، حتى انتخب عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية للخلافة، وصارت الخلافة لبني أمية وكان عثمان (رض) يحب بني أمية، فقربهم إليه، وقد مهم لديه، وحمل بني أمية وبني أبي معيط 1 (كما تفرس عمر) على رقاب الناس 2، وآثرهم بالإفياء والأخماس فأحاطه القوم عليه من كل جانب، ولازموه لزوم عضو لازب، فكان (رض) لشدة حبة لهم وقوته، ولضعفه الناشئ عن واهنة شيخوخته، طوع رغبتهم، وتحت سلطتهم، بل وفي قبضتهم.
قال علي (على ما نقله الطبري وغيره، وسيجئ في الكتاب) في ما قاله له: " أما رضيت من مروان ولا رضى منك إلا بتحرفك عن دينك وعن عقلك! مثل جمل الضعينة يقاد حيث يسار به... " فركبت بنو أمية رقاب الجمهور، وسلطوا من كل ناحية على الأمور، وحينئذ نبض فيهم عرق الحمية الجاهلية وجهضتهم العصبية الأموية، وبرزت ما كانت

1 - أبو معيط (على زنة رجيل) ابن أبي عمرو بن أمية، من زوجته التي كانت زوجة أبيه، كما قال أبو الفرج الأصفهاني الأموي في كتابه " الأغاني " وحكيناه عنه في الكتاب كما سيجئ.
2 - نقلنا قول عمر (رض) في تفرسه في الصفحة ال 417 من الكتاب كما سترى، عن ابن أبي الحديد وفي الصفحة ال 418 منه، حكاية عن كتاب " الأمالي لثعلب مع تفاوت بين المنقولين، وتفاوتهما في المفاد والمراد.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»