ثم أقول لك أيها الشاب العزيز: إني أجل الله جل جلاله، من أن أحلف به في ما أنا معتقد به جزما ويكون صادقا قطعا، وهو أنه لو كان رسول الله شاهد ما نحن فيه، ورأى أن مسلما في مسجده، وبعد تمام حجه، تقرب إلى أخيه المسلم، بظنه، خالصا مخلصا محبا له من صميم قلبه، لا لأي شئ سوى أنه أخوه في الدين، وأراد أن يألف ويأتلف، وأن يستفيد من علمه، ويغترف من فضله، ولم يأت بكلمة غير الاقرار بأنه مسلم، فقوبل بما قلت، وحلفت بلا بينة وبرهان، لبكى على غربة الإسلام، وعلى عصبية من يدعي الإيمان بل وضج على ما نسبت إلى عمر وعلي من الافتراء والبهتان.
- 18 - تلك الأقوال والأفعال، التي مر أنموذج منها، الصادرة عمن ينتمي إلى العلم، ويدعي خلوص الإيمان والإذعان بالإسلام، ولعله يعتقد أنه يروج الإسلام بأقواله، ويؤيده بأفعاله، هي التي تورث الأسى، وتحدث الأسف، وتتجلى منها أن شيعة علي وتابعوه غدت مظلومة، فلم تعرف معتقداتها وانثالت عليها من العصبية ومفترياتها 1 ولا بدع في ذلك فإن عليا نفسه أيضا، كما صرح، كان مظلوما.
قال عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة (ذيل ومن كلامه له عليه السلام لأصحابه: " إما أنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب - البلعوم...):
" وروى عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: سمعت عليا وهو يقول: ما لقي أحد من الناس ما لقيت. ثم بكى "