الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٨٢
بالكرم المكرم، وبالعطاء والتكريم، وبالجود والكرامة.
ويبلغ شرف السخاء عن الإمام الحسين عليه السلام أن سائلا يتوهم فيأتي الحسين يظنه الحسن أخاه سلام الله عليهما لأنه كان قد وعده بمكافأة فلم يفشله، ولم يخيبه، ولم يكشف له توهمه، وإليك الرواية بتفاصيلها كما ينقلها الخوارزمي (1)، حيث يقول:
خرج الحسن عليه السلام إلى سفر فمر براعي غنم، فنزل عنده فألطفه وبات عنده، فلما أصبح دله على الطريق، فقال له الحسن: إني ماض إلى ضيعتي، ثم أعود إلى المدينة. ووقت له وقتا وقال له: تأتيني به. فلما جاء الوقت شغل الحسن بشئ من أموره عن قدوم المدينة، فجاء الراعي وكان عبدا لرجل من أهل المدينة، فصار إلى الحسين وهو يظنه الحسن، فقال: أنا العبد الذي بت عندي ليلة كذا، ووعدتني أن أصير إليك في هذا الوقت. وأراه علامات عرف الحسين أنه الحسن، فقال الحسين له: لمن أنت يا غلام؟
فقال: لفلان. فقال: كم غنمك؟ قال: ثلاثمائة. فأرسل إلى الرجل فرغبه حتى باعه الغنم والعبد فأعتقه، ووهب له الغنم مكافأة لما صنع مع أخيه، وقال: إن الذي بات عندك أخي، وقد كافأتك بفعلك معه (2).
أي خلق هذا! حفظ به ماء وجه العبد إذ جاءه متوهما بعد أن ظن أنه الحسن عليه السلام، فكافأه أصالة عن نفسه الشريفة، ونيابة عن أخيه، ولم يرده لتوهمه. وقد أحسن المكافأة أيما إحسان بأن أعتقه، واشترى له غنما كثيرة فيتحرر بذلك من رق العبودية لذلك الرجل، ومن رق سؤال الناس

1 - وهو من علماء السنة.
2 - كتابه المعروف (مقتل الحسين عليه السلام) 1: 153.
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست