الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٧٩
آ - أن يتكتم ويتحرج في الطلب، ويتخذ أشرف الأسباب إلى الاقتراض مثلا، وأحفظها لكرامته.
ب - أن يختار من الناس من يحفظ عليه ماء وجهه وكرامته، وقد وفر علينا الإمام الحسين عليه السلام وعلى السائل عناء البحث عمن يحفظ ماء وجهه وكرامته، حيث دلاه على ثلاثة: إما ذي دين، أو مروة، أو حسب.
وثالثا: جمع الإمام الحسين سلام الله عليه إلى الكرم كفاية السائل، فلم يعطه نصف المبلغ مثلا وقال له اطلب نصفه الآخر من غيري، بل أعطاه ما يسد به دينه، ثم زاد على ذلك بأن وهبه خمسمائة دينار أخرى يتوسع بها، ويوسع بها على عياله - فالمدين لا بد أن يكون عياله في ضائقة - ويستعين بها على ما بعد الدين، لكي لا يستدين مرة أخرى.
ثم لا يفوتنا أن الرجل حينما قدم إلى الإمام الحسين سلام الله عليه كأنه كان قد نوى سؤال حاجته، فلما أرشده الحسين عليه السلام إلى صيانة وجهه عن بذلة المسألة، ورفع حاجته في رقعة، كتب الرجل يسأله أن يكلم دائنه في أن يمهله إلى حين السعة والميسرة، ولم يكتب له في رقعته أن هبني ما أحتاجه، وهو خمسمائة دينار. وكأنه قد تعلم الدرس سريعا، وكأن الإمام الحسين عليه السلام قد كافأه على ذلك، بأن أكرمه بما يقضي به دينه، وكافأه بخمسمائة دينار أخرى على حسن تعلمه للدرس الأخلاقي، وهو صيانة الوجه عن بذلة المسألة، فصان وجهه عن مطالبة الدائن، وعن المسألة في المستقبل، ووفى عليه السلام بما وعده بأن يؤتيه ما يسره، وكان ما يسره: قضاء دينه، والسعة في المستقبل.
فكان إلى كرم الحسين عليه السلام التكريم والمكافأة والرحمة، لأن
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست