الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٩٣
حتى وقفت أخته العقيلة زينب عليها السلام على ذلك الجسد المبضع، فشكت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان من القوم، قائلة: يا محمداه ! صلى عليك مليك السماء، هذا حسين مرمل بالدماء، مقطع الأعضاء (1).
والحسين سلام الله عليه ذلك الكريم السخي الذي جاء بما عنده، فأشبع الجياع، وسقى العطاشى، وجفناه يرتدان عن حياء ألا يرد سائلا إلا بما يسره، وبما لم يرجه من عطاء وافر، فإذا ظمئ في كربلاء قال له أعداء الله: لا تذوق الماء، ولا تشرب منه حتى تموت عطشا. وأبوا أن يسقوه.
يا ليت لا عذب الفرات لوارد * وقلوب أبناء النبي ظماء (2) وبدل أن يسقى الماء، سقي الرماح رماح اللؤم، وفي هذا يقول الشريف الرضي:
يا رسول الله لو عاينتهم * وهم ما بين قتل وسبا من رميض يمنع الظل ومن * عاطش يسقى أنابيب القنا (3) 4 - السخاء مع الرأفة:
فالإمام الحسين سلام الله عليه قد أضفى على الأمة أبوته الحانية، حيث مسح على رأسها بيده الشفيقة، وحباها بعواطفه الرقيقة، واختلط ذلك بكرمه وجوده، فكان السائل عنده يغتبط بلطف الإمام الحسين سلام الله عليه وعطفه عليه أكثر مما يفرح بالأموال والهدايا، لأنه يحس أن في عطاء الحسين عليه

1 - زينب الكبرى عليها السلام: 110.
2 - من قصيدة للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء.
3 - ديوان الشريف الرضي.
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست