الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٨٧
للتعب والعناء.
وثانيا: جعل الإمام الحسين سلام الله عليه عطاءه للأعرابي بصيغة مكافأة علمية، لا بصيغة صدقة على سؤال. وهذا أحفظ لماء الوجه، وأكرم للرجل الوجيه الذي يحمل في صدره علما.
وثالثا: من خلال المباحثة العلمية النافعة يستفيد القارئ أن الحسين عليه السلام يشجع على العلم، ويدعو إلى ذكر الله، وقد استطاع أن يظهر علم الأعرابي. وأقول علم الأعرابي لأن الإمام الحسين عليه السلام أقر على أجوبته، فهي صحيحة بالنسبة لأمثاله على أقل الفروض، ولو كانت خطأ لرد عليها.
ولم يخل اللقاء أو المجلس من ذكر لله تعالى، ومن استفادة علمية للحاضرين، إذا كان هناك من حضر.
ورابعا: كان من كرم الإمام الحسين عليه السلام أن زاد الأعرابي على حاجته، فأعطاه مبلغ الدية، ووهبه خاتمه لينفق ثمنه على ما يحتاجه. وبهذا يجمع الإمام الحسين سلام الله عليه إلى السخاء: حفظ ماء الوجه، والتذاكر في العلم، والعطاء بما يزيد على السؤال.. فلعل سائلا يخجل أن يطلب أمرين:
مبلغ الدية مثلا، وما يستعين به على حاجاته ونفقات عياله. وقد كفاه الإمام الحسين عليه السلام الأمر الثاني، فأعطاه خاتمه من غير أن يسأله ذلك. فسلام عليك يا سليل النبوة، ووريث الإمامة.
ولعلك استأنست بالرواية، وقد يحدوك الاستئناس إلى أن ترجع إليها تقرأها ثانية، لكني - وإن كنت لا أقف في طريق رجعتك إليها - أدعوك إلى أن
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست