الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٨٤
وإن ظهرا غدا للبر ينقله * سرا إلى أهله ليلا لمكسور (1) أجل، فذلك الظهر، لا أدري كم هوت عليه سيوف الغدر، وطعنت به رماح الكفر، حتى مزقته وكسرته، كما كسرت... كسرت ذلك العاتق الشريف الذي حمل إلى الجياع والمساكين، والأطفال واليتامى والأرامل، ما يسدون به جوعتهم، ويحفظون به ماء وجوههم.
قد ضربوا عاتقه المطهرا * بضربة كبا لها على الثرى (2) ذلك بعد أن جمع الإمام الحسين عليه السلام إلى الكرم: الرحمة الرقيقة، والأبوة الشفيقة، والستر على ذل المحتاجين، والكرامة على من يشعر بعار السؤال. حتى أنسى القادمين عليه أنهم سائلون، لجميل ما أكرمهم به، وطيب ما قابلهم به.
جاء أعرابي إلى الحسين عليه السلام فقال: يا ابن رسول الله! قد ضمنت دية كاملة وعجزت عن أدائها، فقلت في نفسي: أسأل أكرم الناس، وما رأيت أكرم من أهل رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال الحسين عليه السلام: يا أخا العرب! أسألك عن ثلاث مسائل، فإن أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال، وإن أجبت عن اثنتين أعطيتك ثلثي المال، وإن أجبت عن الكل أعطيتك الكل. فقال الأعرابي: با ابن رسول الله! أمثلك يسأل مثلي وأنت من أهل العلم والشرف؟! فقال الحسين عليه السلام: بلى، سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المعروف بقدر المعرفة.

١ - الخصائص الحسينية: ٢٣. وفي رواية المناقب 4: 66: هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين - كما روى ذلك شعيب بن عبد الرحمن الخزاعي.
2 - من المقبولة الحسينية، للشيخ هادي كاشف الغطاء: 56.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست