الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٣٠٤
فانصرفت إلى عائشة وهي في هودج وقد دفف بالدروع على جملها " عسكر "، وكعب بن شور القاضي أخذ بخطامه وحولها الأزد وضبة، فلما رأتني قالت: ما الذي جاء بك يا ابن عباس؟ والله لا سمعت منك شيئا، ارجع إلى صاحبك (تعني عليا " عليه السلام ") وقل له: ما بيننا وبينك إلا السيف. وصاح من حولها: ارجع يا ابن عباس لئلا يسفك دمك.
قال ابن عباس: فرجعت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخبرته الخبر وقلت: ما تنتظر؟، والله لا يعطيك القوم إلا السيف، فاحمل عليهم قبل أن يحملوا عليك. فقال " عليه السلام ": نستظهر بالله عليهم. قال ابن عباس: فوالله ما رمت من مكاني حتى طلع علي نشابهم كأنه جراد منتشر، فقلت: ما ترى يا أمير المؤمنين إلى ما يصنع القوم؟ مرنا ندفعهم، فقال: حتى أعذر إليهم ثانية. ثم قال: من يأخذ هذا المصحف فيدعوهم إليه وهو مقتول، وأنا ضامن له على الله الجنة...) (1).
والحسين (عليه السلام) هو شبل ذلك الأسد علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وفرع تلك الشجرة النبوية، والدوحة الهاشمية، خلقه خلقهم.. دليل ذلك تشابه المواقف: - حين التقى جيش " الحر " في قرى الطف بجيش الحسين (عليه السلام)، قرأ الحر الكتاب على الحسين، فقال له " عليه السلام ": دعنا ننزل نينوى أو الغاضريات أو شفية، فقال الحر: لا أستطيع، فإن الرجل عين علي (2).

1 - (الجمل)، أو (النصرة، في حرب البصرة) / للشيخ المفيد: 181.
2 - الإرشاد / للشيخ المفيد.
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست