الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٣٠٨
يقرأ عليهم كتاب الحسين (عليه السلام) فيبكون، ويسارعون إلى مبايعته للحسين " عليه السلام ". حتى بلغ سجل المبايعين ثمانية عشر ألفا، وقيل: بايعه ثلاثون ألفا (1). وقد كتب مسلم ذلك إلى الحسين (عليه السلام). وصلت الآلاف خلفه.. وما هي إلا سويعات حتى تفرق الناس حينما سمعوا بقدوم " عبيد الله بن زياد "، فإذا بمسلم وحيدا يتلدد في أزقة الكوفة لا يدري أين يذهب، وإن هي إلا ليلة ويقتل غدرا في قصة حكت البطولة والفجيعة معا.
وأما الكتاب الآخر إلى أهل الكوفة فقد بعثه الإمام الحسين (عليه السلام) مع قيس بن مسهر الصيداوي (رضوان الله تعالى عليه)، وهو: بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى إخوانه المؤمنين المسلمين. سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإن كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم، واجتماع ملأكم على نصرنا، و الطلب بحقنا، فسألت الله أن يحسن لنا الصنع، وأن يثيبكم على ذلك أعظم الأجر. وقد شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة [يوم التروية]، فإذا قدم عليكم رسولي فاكتموا أمركم وجدوا، فإني قادم عليكم في أيامي هذه إن شاء الله تعالى، والسلام) (2).
ولم يقابل الإمام الحسين " عليه السلام " حالة الغدر بالانزواء أو الغدر، بل أقبل شجاعا شهما أشم يقطع الصحارى والفيافي إلى كربلاء، في مسيرة الإخلاص لله تعالى، والوفاء مع الناس حيث عاهدهم على المجئ، ليقطع الأعذار الكاذبة، ويسحق حالات الخنوع والضعف والغدر والخيانة، وليثبت القيم الإسلامية بدمائه الزاكية، ودماء أهل بيته الأطهار، وصحابته الأبرار، ولئلا

1 - تاريخ ابن الوردي 1: 230.
2 - الحسين / لعلي جلال 1: 196.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست