الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٤٧
فإن يقدم الرجل على موت محقق، وقتل مؤكد ثم لا يهتز ولا يتردد..
فذلك هو الصبر في أرسخ مواقفه وأشمخ وقفاته. وأن يتقدم الرجل إلى ساحة رهيبة يعلم يقينا أن فيها مصرعه.. فتلك هي الشجاعة في أبهى صورها وأعز أوصافها. وتلك هي الصلابة الحسينية، وذلك هو ربط الجأش وشدة العزيمة، وليست الشجاعة الحقيقية عند من دخل معركة يحتمل فيها النصر والغلبة، ويتوقع الخروج منها سالما غانما.
إن الإمام الحسين عليه السلام تقدم لا يعبأ بالموت، إذ كان أصبر عليه في طاعة الله وسبيله من الحياة الذليلة مع الظالمين، بل كان الإمام الحسين صلوات الله عليه وهو القائل: وأيم الله ليقتلوني (1)، يجد أن في الحياة موتا، وأن في الموت حياة.. إذا كان العيش ذلة، والموت بعد جهاد شرفا وعزة. وقد أثبت الإمام الحسين عليه السلام ذلك بصبره، ولله در القائل فيه:
وجد الردى في العز عين حياته * ورأى مع الذل الحياة مماتا ما مات بل غنم الحياة مشيع * تحت الصوارم والأسنة ماتا (2) وكذا لله در القائل فيه عليه السلام:
نفسي الفداء لسيد * خانت مواثقه الرعية رامت أمية ذله * بالسلم.. لا عزت أمية حاشاه من خوف المنية * والركون إلى الدنية

١ - مقتل الحسين عليه السلام، للخوارزمي ١: ٢٢٦. واللهوف: ٦٢.
2 - الدر النضيد: 60، من قصيدة للسيد محسن الأمين العاملي.
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست