الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٢٨
أتاه مسرعا وانكب عليه بعد أن كشف عنه قتلته، فوضع خده على خده، وقال:
على الدنيا بعدك العفا... يعز على جدك وأبيك أن تدعوهم فلا يجيبونك، وتستغيث فلا يغيثونك (1).
ولما ضرب عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي رأس القاسم بن الإمام الحسن عليه السلام بالسيف.. وقع الغلام لوجهه فقال: يا عماه! فأتاه الحسين كالليث الغضبان، فضرب عمروا بالسيف فاتقاه بالساعد فأطنها (2) من المرفق، وانجلت الغبرة وإذا الحسين قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه، والحسين يقول: بعدا لقوم قتلوك، خصمهم يوم القيامة جدك. ثم قال:
عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك ثم لا ينفعك (3).
وروى بعضهم أن الإمام الحسين عليه السلام لما أصيب بالسهام والحجارة، وأعياه نزف الدم، سقط على الأرض لا يقوى على القيام والنهوض.
فلبثوا هنيئة وعادوا إليه وأحاطوا به، فنظر (عبد الله بن الحسن السبط عليه السلام) وله إحدى عشرة سنة إلى عمه وقد أحدق به القوم، فأقبل يشتد نحو عمه، وأرادت زينب حبسه فأفلت منها وجاء إلى عمه، وأهوى بحر بن كعب بالسيف ليضرب الحسين فصاح الغلام: يا ابن الخبيثة! أتضرب عمي؟ فضربه واتقاها الغلام بيده فأطنها إلى الجلد، فإذا هي معلقة، فصاح الغلام: يا عماه!
ووقع في حجر الحسين فضمه إليه وقال: يا ابن أخي! اصبر على ما نزل بك، واحتسب في ذلك الخير، فإن الله تعالى يلحقك بآبائك الصالحين (4).

(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 231 233 234 235 ... » »»
الفهرست