الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٢٤
في مؤمن إلا ولا ذمة، ولا يحفظون حرمة لرسول الله صلى الله عليه وآله، حيث أسرت بناته في كربلاء وساقهن أعداء الله في مسيرة وعرة إلى الكوفة، ثم إلى الشام، في حال من الجوع والإعياء، وأسكن الخرائب مقيدات بالحبال.
ويأبى ذلك لهن كل غيور لو الغيرة على الدين، حيث لا ينقذ الدين إلا في موقف يقتل فيه حزب الله النجباء، بيد حزب الشيطان الطلقاء، وتؤسر فيه بنات الرسالة، ويقضي الأطفال بين الجوع والعطش والهلع، وحوافر الخيل والضياع في الصحارى.
إن كل ذلك من أجل الدين، الذي دونه الأنفس وكل عزيز. ولقد كان الإمام الحسين صلوات الله عليه أغير الناس على دين الله، فأقدم على ما أحجم عنه غيره، وقدم ما بخل به غيره، وقد شهدت له مواقف كربلاء أنه الغيور الذي لم تشغله الفجائع ولا أهوال الطف عن حماسة حرم رسول الله صلى الله عليه وآله..
في يوم العاشر، وبعد أن قتل جميع أنصار الحسين عليه السلام وأصحابه وأهل بيته، وقبيل الاشتباك بالآلاف.. صاح عمر بن سعد بالجمع: هذا ابن الأنزع البطين، هذا ابن قتال العرب، احملوا عليه من كل جانب. فأتته عليه السلام أربعة آلاف نبلة (1)، وحال الرجال بينه وبين رحله، فصاح بهم: يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون.
فناداه شمر: ما تقول يا ابن فاطمة؟ قال: أنا الذي أقاتلكم والنساء ليس عليهن جناح، فامنعوا عتاتكم عن التعرض لحرمي ما دمت حيا. فقال الشمر:

١ - المناقب 2: 223.
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست