الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٢٣
والأولاد. وهو الذي تربى في ظل أغير الناس: جده المصطفى، وأبيه المرتضى، وأمه فاطمة الزهراء صلوات الله عليهم، وعاش في بيت العصمة والطهارة والنجابة، والشرف المؤبد والكرامة، ونشأ في أهل بيت لم تنجسهم الجاهلية بأنجاسها، ولم تلبسهم من مدلهمات ثيابها.
فالنبي صلى الله عليه وآله كان - كما يقول الإمام علي عليه السلام -:
لا يصافح النساء، فكان إذا أراد أن يبايع النساء أتي بإناء فيه ماء فغمس يده، ثم يخرجها، ثم يقول: أغمسن أيديكن فيه فقد بايعتكن (1).
أما ابنته فاطمة صلوات الله عليها.. فقد سألها أبوها صلى الله عليه وآله يوما: أي شئ خير للمرأة؟ فقالت: أن لا ترى رجلا ولا يراها رجل. فضمها إليه وقال: " ذرية بعضها من بعض " (2).
وأما أمير المؤمنين سلام الله عليه.. فيكفي ما ذكره يحيى المازني حيث قال: كنت جوار أمير المؤمنين عليه السلام مدة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فوالله ما رأيت لها شخصا، ولا سمعت لها صوتا، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله صلى الله عليه وآله تخرج ليلا والحسن عن يمينها، والحسين عن شمالها، وأمير المؤمنين أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين فأخمد ضوء القناديل. فسأله الحسن مرة عن ذلك فقال: أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب (3).
هذه الخفرة عقيلة بني هاشم سلام الله عليها كان لا بد - من أجل إنقاذ الدين، وفضح الجاهليين - أن تخرج إلى كربلاء لتثبت أن بني أمية لا يرقبون

١ - تحف العقول: ٤٥٧.
٢ - المناقب، عن حلية الأولياء، لأبي نعيم، ومسند أبي يعلى، والآية في سورة آل عمران: 34.
3 - زينب الكبرى (ع): 22.
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست