الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٧٠
معيشة مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم، ويستشعرون الخزي بأهوائهم، اقتداء بالأشرار، وجرأة على الجبار. في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع، فالأرض لهم شاغرة، وأيديهم فيها مبسوطة، والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس. فمن بين جبار عنيد، وذي سطوة على الضعفة شديد، مطاع لا يعرف المبدئ المعيد. فيا عجبا! وما لي (لا) أعجب والأرض من غاش غشوم، ومتصدق ظلوم، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا، والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا.
اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان، ولا التماسا من فضول الحطام، ولكن لنري المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك، ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك، فإنكم تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة عليكم وعملوا في إطفاء نور نبيكم.
وحسبنا الله وعليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير (1).
يقول الأستاذ أحمد الصابري الهمداني معلقا على هذه الخطبة الشريفة:
وهذه الخطبة العظيمة مما يهيج الباطل العاطل، ويقوي الضعيف المسامح المماهل، في أمور المجتمع والأمة، ويبين وظيفة هامة ومسؤولية اجتماعية مهمة، لأرباب العلم والفضل، وطبقة العلماء والربانيين، ويوجب عليهم أن ينكروا المنكر بفعلهم وقولهم، وأن لا يداهنوا الظلمة، حتى لا تضيع حقوق الضعفة والعجزة من الرعية، وأن لا يتفرقوا عن الحق ولا يختلفوا في السنة. ويقول الإمام عليه السلام: لو أنهم أقاموا الأمر بالمعروف والنهي عن

(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست